نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 2 صفحه : 25
موافقاً لكونه ابن
خمس وخمسين سنة ، وبما أنّه من مواليد عام ( ٢٦٠ هـ ) ، فيجب أن يكون عام الإنابة
موافقاً لسنة ( ٣١٥ هـ ).
هذا من جانب ، ومن جانب آخر فإنّه تبرأ
من منهج الأُستاذ وهو حي ، وقد توفي أُستاذه الجبائي عام ( ٣٠٣ هـ ) ، وعندئذ كيف
يمكن تصديق ذلك النقل؟!
الحوافز الدافعة إلى ترك
الاعتزال
إنّ الأشعري قد مارس علم الكلام على
مذهب الاعتزال مدّة مديدة وبرع فيه إلى أوائل العقد الخامس من عمره ، وعند ذاك
تكون عقيدة الاعتزال صورة راسخة وملكة متأصلة في نفسه ، فمن المشكل جداً أن ينخلع
الرجل دفعة واحدة عن كلّ ما تعلم وعلّم ، وناظر وغَلب أو غُلب ، وينخرط في مسلك
يضاد ذلك ويغايره بالكلية. نعم ، نتيجة بروز الشك والتردُّد هو عدوله عن بعض
المسائل وبقاؤه على مسائل أُخر ، وأمّا العدول دفعة واحدة عن جميع ما مارسه وبرع
فيه ، والبراءة من كلّ ما يمت إلى منهج الاعتزال بصلة ، فلا يمكن أن يكون أمراً
حقيقياً جدّياً من جميع الجهات.
ولأجل ذلك لابدّ لمؤرّخ العقائد من
السعي في تصحيح وتفسير هذه البراءة الكاملة من منهج الاعتزال من مثله.
فنقول : أمّا السبب الحقيقي فالله
سبحانه هو العالم. ولكن يمكن أن يقال إنّ الضغط الذي مورس على بيئة الاعتزل من
جانب السلطة العباسية أوجد أرضية لفكرة العدول في ذهن الشيخ ونفسه ، وإليك بيانه :
١ ـ الضغط العباسي على المعتزلة
إنّ الخلفاء العباسيين ـ من عصر المأمون
إلى المعتصم ، إلى الواثق بالل هـ كانوا يروّجون لأهل التعقّل والتفكّر ، فكان
للاعتزال في تلك العصور رقيّ وازدهار. فلمّا توفّي الواثق بالله عام ٢٣٢ هـ وأخذ
المتوكل بزمام السلطة بيده ، انقلب الأمر وصارت القوة لأصحاب الحديث ، ولم تزل
السيرة على ذلك حتى هلك المتوكل وقام المنتصر بالله مقامه ، فالمستعين بالله ،
فالمعتز بالله ،
نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 2 صفحه : 25