نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 2 صفحه : 111
يقول : « وقد كان الأنبياء عليهمالسلام أخبروا الناس عن ذات الله وصفاته
وأفعاله ، وعن بداية هذا العالم ومصيره ، وما يهجم عليه الإنسان بعد موته ، وآتوهم
علم ذلك كلّه بواسطتهم عفواً بدون تعب ، وكفوهم مؤونة البحث والفحص في علوم ليس
عندهم مبادئها ولا مقدّماتها التي يبنون عليها بحثهم ليتوصلوا إلى مجهول ، لأنّ
هذه العلوم وراء الحس والطبيعة ، لا تعمل فيها حواسّهم ولا يؤدي إليها نظرهم ،
وليست عندهم معلوماتها الأوّلية.
لكن الناس لم يشكروا هذه النعمة وأعادوا
الأمر جذعاً ، وأبدوا البحث آنفاً وبدأوا رحلتهم في مناطق مجهولة لا يجدون فيها
مرشداً ولا خرّيتاً. [١]
إنّ الكاتب حسب ما توحي عبارته متأثر
بالفلسفة المادية التي تحصر أدوات المعرفة بالحس ، ولا يقيم وزناً للعقل الذي هو
إحدى أدواتها ، وهذا من الكاتب أمر عجيب جداً ، فإنّ الله سبحانه كما دعا إلى
الانتفاع بالحس ومطالعة الطبيعة ، وكشف قوانينها وأنظمتها ، دعا إلى التعّقل
والتفكّر في كلّ ما ورد في القرآن الكريم حيث قال : (أَفَلا يَتَدَبَّرونَ
القُرآنَ أَمْ عَلى قُلُوب أَقْفالُها).
[٢]
وليست الآية ناظرة إلى التدبّر في خصوص
الأنظمة السائدة على النبات والحيوان والإنسان ، بل التدبّر في مجموع ما جاء في
القرآن ، فقد جاء في القرآن الكريم معارف دعا إلى التدبّر فيها نظير : (لَيْسَ
كَمِثْلِهِ شَيء)[٣] ،(وَلله المَثَلُ الأَعْلى)[٤]
،(لَهُ الأَسماءُ
الحُسْنى)[٥] ،(المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ المُؤْمِنُ
الْمُهَيْمِنُ العَزيزُ الجَبّارُ المُتَكبّرُ)[٦] ،(فَأَيْنَما
تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ الله)[٧] ،(هُوَ الأَوّلُ وَالآخِرُ وَالظّاهِرُ