responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر    جلد : 2  صفحه : 110

(أَفَلا يَتَدَبّرونَ القُرآنَ) [١].

التفويض أو تعطيل العقول عن التفكير

إنّ أهل الإثبات بعامّة فروعه يرمون المعتزلة بالتعطيل ، ويصفونهم ب ـ « المعطّلة » لتعطيلهم ذاته سبحانه عن التوصيف بمحامد الأوصاف وجلائل النعوت ، غير أنّه يجب إلفات نظرهم إلى أنّ أهل التفويض من أهل الإثبات من المعطلة أيضاً ، لكن بملاك آخر ، وهو تعطيل العقول عن التفكّر في المعارف والأُصول ، كما عطّلوها عن التدبّر في الآيات والأحاديث ، فكأنّ القرآن ألغاز نزلت إلى البشر ، وليس كتابه هداية وتعليم وإرشاد ، قال تعالى : (وَنَزَّلْنا عَلْيْكَ الكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيء). [٢]

فإذا كان القرآن مبيناً لكلّ شيء ، فكيف لا يكون مبيّناً لنفسه ، وكيف يكون المطلوب نفس الاعتقاد من دون فهم معناه.

إنّ المنع عن التفكّر والتدبّر فيما نزل من الذكر الحكيم ، وما يحكم به العقل السليم محجوج بنص القرآن لا يقبل من أي إنسان ، والاستدلال عليه بقول الشاعر أخذ بنغمة الشاعر ، وترك لنص الباري :

نهاية إقدام العقول محال

وأكثر سعي العالمين ضلال

ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا

سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا [٣]

والعجب أنّ تعطيل العقول عن البحث والمعرفة أخذ في هذه الأعصار صبغة علمية مادية بحتة ، بحجة أنّ مبادئها ومقدّماتها ليست في متناول الباحثين ، لأنّها موضوعات وراء الحس والطبيعة ، ولا تعمل فيها حواس الإنسان ، فهذا هو السيد الندوي يتمسّك بهذا الوجه ، ويعد ترك البحث فضيلة ، والبحث عن المعارف القرآنية كفراناً للنعمة.


[١] النساء : ٨٢.

[٢] النحل : ٨٩.

[٣] منسوب إلى الرازي كما في شرح العقائد الطحاوية : ٢٢٧.

نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر    جلد : 2  صفحه : 110
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست