على إنّ النفي إذا تعلّق بالمطلق ، أفاد
نفيه مطلقا.
وهذا بخلاف قوله تعالى : ( لَنْ
يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً )[١] فإنّ
القرينة فيه على التأبيد في الدنيا موجودة ، وهي قوله تعالى : ( بِما
قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ )[٢] ، فإنّه
دالّ على أنّهم يخافون في الدنيا الموت فيها ، فلا يتمنّونه بها ، لتقديمهم ما
يستحقّون به العذاب في الآخرة.
على إنّه يكفي هنا القرينة العقلية ،
وهي ما ذكره الخصم من القطع بأنّهم يتمنّون الموت في الآخرة تخلّصا من العقاب.
فإن قلت :
غاية ما يدلّ عليه قوله تعالى : ( لَنْ
تَرانِي )[٣] هو نفي
الرؤية خارجا ، ومدّعاكم امتناعها ذاتا!
قلت
: إذا ثبت تأبيد النفي ، ثبت بطلان قول الأشاعرة بالرؤية في الآخرة ؛ وهو المطلوب.
على إنّ المراد بالنفي ـ هنا ـ :
الامتناع ، بقرينة قول موسى عليهالسلام
بعد الإفاقة : (سُبْحانَكَ)[٤] فإنّه للتنزيه ، والتنزيه عن الرؤية
دليل على أنّها نقص ، فتمتنع ؛ كما ستعرفه إن شاء الله.