إنّه إنّما تمدّح بمجموع الأمرين ، أعني
أنّه يدرك الأبصار ولا تدركه ، فإنّ ذلك مختصّ به ، كما تمدّح في آية أخرى بقوله :
( وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ )[١]
، مع إنّ مدحه تعالى بامتناع رؤيته لا يستلزم صحّة مدح غيره به وإن ثبت له ، فإنّه
تعالى يمدح بأنّه جبّار متكبّر ، ولا يصحّ مدح غيره به ، على إنّ المطلوب لا
يتوقّف على اختصاص المدح به تعالى.
الثالث :
إنّ ( اللام ) في الْأَبْصارُ إن كانت
للعموم ، كان النفي في قوله تعالى : ( لا تُدْرِكُهُ
الْأَبْصارُ )[٢] موجبا لسلب
العموم ، وهو سلب جزئي.
وإن كانت ( اللام ) للجنس ، كان قوله : ( لا
تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ )
سالبة مهملة ، وهي في قوّة الجزئية ..
ونحن نقول بموجب الجزئية ؛ لأنّ الكفّار
لا يرونه تعالى في الآخرة إجماعا.
بل نقول : تخصيص البعض بالنفي يدلّ على
الثبوت للبعض الآخر ،