نام کتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل نویسنده : مكي العاملي، محمد جلد : 4 صفحه : 379
1 ـ وجوبهما عقلي أو شرعي
هل يجب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، عقلا، أو لا يجبان إلا شرعاً؟ القائلون بوجوب اللطف المقرّب يلزمهما القول بوجوبهما عقلا، لأنّ اللطف ليس إلا تقريب العباد إلى الطاعة و إبعادهم عن المعصية. و من أوضح ما يحقّق تلك الغاية هو الأمر بالمعروف بعامة مراتبه.
و أورد عليه المحقق الطوسي ما هذا توضيحه: لو وجبا عقلا على اللّه تعالى، فانّ كل واجب عقلي، يجب على كل من حصل في حقه وجه الوجوب، و لو وجب عليه تعالى لكان إما فاعلا لهما، فكان يلزم وقوع المعروف قطعاً، لأنه تعالى يحمل المكلفين عليه، و ا نتفاء المنكر لأنه تعالى يمنع المكلفين عنه، و هذا خلاف ما هو الواقع في الخارج، وإما غير فاعل لهما، فيكون مخلا بالواجب، و ذلك محال، لما ثبت من حكمته تعالى. و إلى هذا المعنى أشار هذا المحقق بقوله: «لو كانا واجبين عقلا لزم ما هو خلاف الواقع، أو الإخلال بحكمته سبحانه». [1]
يلاحظ عليه: إنّ وجوبهما عقلا لا يلازم وجوبهما على اللّه سبحانه بعامة مراتبهما، لأنه لو وجب عليه كذلك يلزم الاخلال بالغرض و إبطال التكليف، و هذا يصد العقل عن إيجابهما على اللّه سبحانه فيما لو استلزم الإلجاء، فيُكتفى فيهما ببعض المراتب، كالتبليغ و الانذار مما لا ينافي حرية التكليف، و هما متحققان. و إلى ما ذكرنا يشير شيخنا الشيهد الثاني بقوله: «لاستلزام القيام به على هذا الوجه (من وجوبه قولا و فعلا) الالجاء الممتنع في التكليف، و يجوز اختلاف الواجب باختلاف محالّه، خصوصاً مع ظهور المانع، فيكون الواجب في حقه تعالى الانذار و التخويف بالمخالفة لئلا يبطل التكليف. و المفروض أنّه قد فعل»[2].