وبعد تناول الصحف يبدأ الحساب، وهو مشهد مروّعٌ للقلوب ومقطّعٌ للأرواح، إنّه مشهد القضاء على الناس بشهود لا يتطرق إلى شهادتهم ريب ولا يتّهمون بكذب. وهم بين شاهد خارجي كالله سبحانه، والأنبياء، والملائكة، والأرض، وداخلي كالأعضاء والجوارح حتى جلد البدن .
وهناك نوع آخر من الشهود لا يشابه القسمين، وهو تجسّم أعمال الإنسان بوجود يناسب تلك النشأة وهذا نظير عرض صور الجريمة ووقائعها التي التقطت عند ارتكاب المجرم لها، أوبثّ الشريط الّذي سجل فيه كلام المعتدي بالسبّ والوقيعة، وإن كان هناك فرق بين الممثّل والممثّل له .
وبذلك لا يجد المجرم لنفسه إلا الاعتراف بالذنب والتقصير والجرأة، لثبوت الجرم عليه بوجه لا يقبل الإنكار، و إليك عرض هؤلاء الشهود في ضوء آيات القرآن الكريم، مقدّمين الشهود الخارجيين على الداخلين .
الشاهد الأول : الله سبحانه
من عجيب الأمر أنّ الله سبحانه هو القاضي والحاكم بين العباد، وهو بنفسه أيضاً شاهد على أعمالهم، يقول سبحانه:(إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَىْء شَهِيدٌ)[2].