responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل نویسنده : مكي العاملي، محمد    جلد : 2  صفحه : 64

أدلة التوحيد في الربوبية

1. التدبير لا ينفك عن الخلق

إنَّ النكتة الأساسية في خطأ المشركين تتمثل في أنهم قاسوا تدبير عالم الكون بتدبير أُمور عائلة أو مؤسسة و تصوروا أنهما من نوع واحد.

إنَّ تدبيره سبحانه لهذا العالم ليس كتدبير حاكم البلد بالنسبة إلى مواطنيه، أو ربّ البيت بالنسبة إلى أهله حيث إنَّ ذاك التدبير يتمّ بإصدار الأوامر، ولكن التدبير في الكون في الحقيقة إدامة الخلق والإِيجاد و قد سبق أنَّ الخالقية منحصرة في الله سبحانه فالقول بالتوحيد فيها يستلزم القول بالتوحيد في التدبير.

توضيح ذلك: إنَّ كل فرد من النظام الإِمكاني بحكم كونه فقيراً ممكناً فاقد للوجود الذاتي، لكن فقره ليس منحصراً في وجوده في بدء تحققه وإنما يستمر هذا الفقر معه في جميع الأزمنة و الأمكنة. فهو محتاج في إدامة وجوده بل حتى في علاقاته روابطه و انسجامه مع مجموع العالم. و حقيقة التدبير ليست إلاّ خلق العالم و جعل الأسباب و العلل بحيث تأتي المعاليل و المُسَبَّبات دُبُر الأسباب و عقيب العلل، و بحيث تظهر أجزاء الكون إلى الوجود و راء بعضها البعض تباعاً، و بحيث يؤثر بعضها في البعض الآخر حتى يصل كل موجود إلى كماله المناسب و هدفه المطلوب. فإذا كان المراد من التدبير هو هذا، فهو بعينه عبارة عن مسألة الخلق، فكيف يمكن أن نعتقد بأنَّ التدبير مغاير للخلق و نعتبرهما أمرين مختلفين؟

إن تدبير الوردة ليس إلا تكّونها من المواد النيتروجينية الموجودة في التربة مع استنشاقها لثاني أوكسيد الكاربون من الهواء و امتصاصها لأشعة الشمس وحدوث سلسلة معقدة من التفاعلات الكيميائية في خلاياها نتيجة ذلك، لتنمو بالتدريج و تَتَفَتَّح وَ تَخْضَر و تُزْهِر. وليس كل منها إلا شعبة من الخلق. و مثلها الجنين مذ تكونه في رحم الأُم، فلا يزال يخضع لعمليات التفاعل والنمو حتى يخرج من بطنها، و ليست هذه التفاعلات إلاّ شعبة من عملية الخلق و فرع منه و إيجاد بعد إيجاد.

نام کتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل نویسنده : مكي العاملي، محمد    جلد : 2  صفحه : 64
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست