نام کتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل نویسنده : مكي العاملي، محمد جلد : 1 صفحه : 214
يلاحظ عليه: أوَّلا - إنَّ الإِستدلال مبني على كون الأمر بالكون في الآية و نظائرها أمراً لفظيّاً مؤلفاً من الحروف و الأصوات. و أنَّه سبحانه كالسلطان الآمر، فكما أنَّه يتوسل عند أمرِهِ وزراءه و أعوانه باللفظ، فهكذا سبحانه يتوسّل عند خلق السَّموات و الأرض باللفظ و القول، فيخاطب المعدوم المطلق بلفظة «كن».
و لا شك أَنَّ هذا الإِحتمال باطل جداً، إذ لا معنى لخطاب المعدوم.
و ما يقال في تصحيحه بأنَّ المعدوم معلوم لله تعالى فهو يعلم الشيء قبل وجوده و أَنَّه سيوجد في وقت كذا، غير مفيد، لأن العلم بالشيء لا يصحح الخطاب، و إنْ كنت في شك من ذلك فلاحظ النّجار الذي يريد صناعة الكرسي بالمعدات و الآلات، فهل يصح أنْ يخاطبها بهذا اللفظ، هذا و إنْ كان بين المثالِ و المُمَثَّل له فَرْق أو فُروق.
و إِنَّما المراد من الأمر في الآية، كما فهمه جمهور المسلمين، هو الأمر التكويني المُعبّر عن تَعَلُّق الإِرادة القطعية بإيجاد الشيء، و المقصود من الآية أنَّ تعلق إرادته سبحانه يعقبه وجوده، و لا يأبى عنه الشيء، و أنَّ ما قضاه من الأُمور و أَراد كونه فإنه يتكون و يدخل في حيز الوجود من غير امتناع و لا توقف، كالمأمور المطيع الذي يؤمر فيمتثل، لا يتوقف و لا يمتنع و لا يكون منه الإِباء.
و بذلك تقف على الفرق بين الأمر التكليفي التشريعي الوارد في الكتاب و السنَّة، و الأمر التكويني. فالأَول يخاطَب به الإِنسان العاقل للتكليف و لا يخاطب به غيره فضلا عن المعدوم. و هذا بخلاف الأَمر التكويني فإِنَّه رمز لتعلق الإِرادة القطعية بإيجاد المعدوم.
و هذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يفسّر الأَمر التكويني بقوله «يقول لِمَا أراد كونَه كُنْ، فَيكونُ. لا بصوت يَقْرَعُ و لا بِنداء يُسمَع، و إنَّما كلامُهُ سُبْحانَه فعلٌ منه، أنْشَأهُ وَ مَثَّله، لَمْ يَكُنْ مِنْ قَبلِ ذلِكَ كائناً، و لَو كانَ
نام کتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل نویسنده : مكي العاملي، محمد جلد : 1 صفحه : 214