وهكذا .. فانه تعالى اذا شرع لهم احكاما
تنظم امور معاشهم ومعادهم ـ بما في ذلك احكام القصاص ـ فانما يهدف من ذلك الى
تحقيق السعادة والكمال لهم ، وحفظهم من الانزلاق في مهاوي الشقاء والضلال والضياع
، كما اشارت اليه الاية المتقدمة من سورة الحديد ...
وحينما سئل الامام الباقر عليه عن سبب
تحريم الميتة ، والخمر ، ولحم الخنزير ، والدم ، قال : « ان الله تعالى لم يحرم
ذلك على عباده ، واحل لهم ما وراء ذلك من رغبة فيما احل لهم ، ولا زهد فيما حرمه
عليهم ، ولكنه خلق الخلق ، فعلم ما تقوم به ابدانهم وما يصلحهم ، فأحله لهم ،
واباحه لهم : وعلم ما يضرهم فنهاهم عنه ، ثم احله للمضطر في الوقت الذي لا يقوم
بدنه الا به » [١].
وروى بأسانيد عن الرضا عليهالسلام ، انه قال : « وجدنا : ان ما احل الله
ففيه صلاح العباد ، وبقاءهم ، ولهم اليه حاجة ، ووجدنا المحرم من الاشياء ولا حاجة
[٢] ولا حاجة
بالعباد اليه ، ووجدناه مفيدا ».
ويكفي ان نذكر : ان الله تعالى قد اعتبر
الاسلام نعمة انعم الله بها على العباد ، وقد اتم نعمته هذه بتنصيب علي عليهالسلام اماما وقائدا في يوم الغدير ، قال
تعالى :« اليوم
اكملت لكم دينكم ، واتممت عليكم نعمتي ، ورضيت لكم الاسلام دينا »
[٤].
[١] الكافي ج ٦ ص
٢٤٢ ، والمحاسن ص ٣٣٤ والتهذيب ج ٩ ص ١٢٨ ومن لا يحضره الفقيه ج ٣ ص ٢١٨ والوسائل
ج ١٧ ص ٢.