ومن كلامهِ 7 في مَقامٍَ آخر
« أيُّها النّاسُ ، إِنّي استنفرتُكم لجهادِ هؤلاءِ القوم فلم تَنفِروا ، وأَسمعتُكم فلم تُجيبوا ، ونَصَحتُ لكم فلم تَقْبَلوا ، شُهودٌ كالغُيَّب ، أتلو عليكُمُ الحِكمةَ فتُعرِضونَ عنها ، وأعِظُكم بالموعظة[١]البالَغة فَتَتفَرقونَ عنها ، كأنّكم حُمُرٌ مُستنفِرةٌ فَرَّتْ من قَسْوَرةٍ ؛ وأحُثّكم على جهادِ أَهلِ الجَوْرِ فما اتي على آخِر قولي حتَّى أراكم متفرِّقينَ أياديَ سَبَأ ، تَرجِعونَ إِلى مَجألِسِكم تتربّعونَ حَلَقاً ، تَضرِبونَ الأمثالَ ، وتَناشَدونَ [٢]الأشعارَ ، وتَجَسَّسونَ الأخبارَ ، حتّى إِذا تَفرَّقتُم تَسألونَ عَنِ الأسعارِ ، جَهلةً[٣]من غيرِ عِلْمٍ ، وغَفلةً من غير وَرَع ، وتَتَبُّعاً[٤]في غيرِخَوْفٍ ، نَسِيتُمُ الحربَ والاستعدادَ لها ، فأصبحَتْ قلوبكَم فارِغةً من ذكرِها ، شَغَلتُموها بالأعاليلِ والأباطيلِ. فالعَجَب كُلَّ العَجَب وما لي لا أعجَبُ مِن اجتماعِ قومٍ على باطلِهم ، وتخاذُلِكم عن حقِّكم!.
يا أهلَ الكُوفةِ ، أنتم كاُمِّ مُجالِدٍ ، حَملَتْ فأملَصَتْ ، فماتَ قيِّمُها ، وطالَ تأيُّمُها ، ووَرِثَها أبْعَدُها.
والّذي فَلَقَ الحبّةَ ، وبرأ النَّسَمةَ ، إِنّ من ورائكم للأعور
[١] في هامش « ش » : الموعظة.
[٢] في « م » و « ح » : تنشدون.
[٣] في « ش » : جهالة.
[٤] في هامش « ش » و « م » : تثبطاً.