وأبو فكيهة ، كان عبداً لصفوان بن أمية
الجمحي ، أسلم مع بلال ، فأخذه أمية بن خلف وربط في رجله حبلاً ، وأمر به فجُرَّ ،
ثم ألقاه في الرمضاء ، ومرَّ به جُعَل ـ خنفساء ـ فقال له أمية : أليس هذا ربك؟!
فقال : الله ربي وربك ورب هذا. فخنقه خنقاً شديداً ، ومعه أخوه أبي بن خلف يقول :
زده عذاباً حتى يأتي محمدٌ فيخلصه بسحره!
وكانوا يضعون الصخرة على صدره حتى يدلع
لسانه ، ولم يرجع عن دينه ، ولم يزل على تلك الحال حتى طنوا أنه قد مات [١].
ولم يقتصر الأمر على الرجال فقط ، بل
شمل النساء حتى العواجز منهن ، فكانت سميّة ـ أم عمار ـ وزنَّيرة ، ولبيبة ،
وغيرهن ممن عذبن في الله.
أما زنيرة : فكانت امرأةً وقوراً أدبها
الفقر ، وأعزها الإسلام ، وكانت أمةً لبني عدي ، وكان يشترك في تعذيبها كل من أبي
جهل وعمر حتى عميت ، فقال لها : إن اللات والعزى فعلا بك ذلك! قالت : وما يدري
اللات والعزى من يعبدهما؟! ولكن هذا أمر من السماء ، وربي قادرعلى رد بصري. فأصبحت
من الغد وقد ردَّ الله بصرها. فقالت قريش : هذا من سحر محمد [٢]!!
ومثلها لبيبة ، جارية بني مؤمل ، أسلمت
قبل إسلام عمر ، وكان عمر يعذبها حتى تفتن ، ثم يدعها ويقول : إني لم أدعك إلا
سآمة. فتقول : كذلك يفعل الله بك إن لم تسلم [٣]!!
وكذلك أم عبيس جارية بني زهرة ، والنهدية مولاة بني نهد واضرابهن ممن واجهن المحنة
في سبيل الإسلام.
غير أن سمية ـ أول شهيدة في الإسلام ـ
كان لتعذيبها حتى شهادتها وجه