زهد يحيى بن زكريا عليهماالسلام أنّه أتى بيت المقدس ، فنظر إلى
المجتهدين من الأحبار والرّهبان عليهم مدارع الشّعر ، فلمّا رآهم أتى أمّه ، فقال
: انسجي لي مدرعة من صوف حتّى آتي بيت المقدس فأعبد الله مع الاحبار ، فاخبرت
زكريّا بذلك ، فقال زكريّا : يا بنيّ ما يدعوك إلى هذا؟ وإنما أنت صبيّ صغير ،
فقال : يا أبت أما رأيت من هو أصغر منّي قد ذاق الموت؟ قال : بلى ، وقال لأمّه :
انسجي له المدرعة ، فأتى بيت المقدس وأخذ يعبد الله تعالى حتّى أكلت مدرعة الشّعر
لحمه وجعل يبكي ، وكان زكريّا إذا اراد أن يعظ يلتفت يميناً وشمالاً ، فان رأى
يحيى لم يذكر جنّة ولا ناراً [١].
٢٨٨ ـ وفي خبر آخر : أنّ عيسى بن مريم عليهالسلام بعث يحيى بن زكريّا في اثني عشر من
الحواريّين يعلّمون النّاس وينهاهم عن نكاح ابنة الاُخت ، قال : وكان لملكهم بنت
أخت تعجبه ، وكان يريد أن يتزوّجها ، فلمّا رآها سألها عن حاجتها ، قالت حاجتي أن
تذبح يحيى بن زكريّا ، فقال : سلي غير هذا ، فقالت : لا أسألك غير هذا ، فلمّا أبت
عليه دعا بطشت ودعا يحيى عليهالسلام
فذبحه ، فبدرت قطرة من دمه فوقعت على الارض ، فلم تزل تعلو حتّى بعث الله بخت نصّر
عليهم ، فجاءته عجوز من بني إسرائيل فدلّته على ذلك الدّم ، فاُلقي في نفسه أن
يقتل على ذلك الدّم منهم حتّى يسكن ، فقتل عليها سبعين ألفاً في سنة واحدة ثمّ سكن
[٢].
فصل ـ ٣ ـ
٢٨٩ ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبو محمد
الحسن بن محمد بن يحيى العلوي ، حدّثنا جدّي يحيى بن الحسن ، حدّثنا محمد بن
إبراهيم التّميمي ، حدّثنا محمّد بن يزيد ، حدّثنا الفضل بن دكين ، حدّثنا عبدالله
بن حبيب بن أبي كاتب ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنه ، قال
: أوحى الله إلى نبيّه صلىاللهعليهوآله
إنّي قتلت بدم يحيى بن
[١] بحار الأنوار (
١٤/١٦٥ ـ ١٦٦ ) ، برقم : ( ٤ ) عن أمالي الصّدوق مع إختلاف في السّند وزيادة في
المتن وراجع الأمالي المجلس الثّامن ، برقم : ( ٣ ).