الاستخلاف ما شاؤا
من تفاسير ، وكان علي ثابتاً كالطود لا تزعزعه مشاغبات المشاغبين ، وكنت أحاول أن
يلتحق بأبي ليحدثه بحديث الناس وأخيراً لحق بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
ثم رجع متهلل الوجه ضاحك الاسارير ، تحمله الفرحة إلى قرينته الحبيبة ليزف إليها بشرى
لا بمعنى من معاني الدنيا بل بمعنى من معاني السماء. فقص علي كيف استقبله النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ورحب به وقال له : انت مني بمنزلة
هارون من موسى إلا انّه لا نبي بعدي [١]
وهارون موسى كان شريكا له في الحكم ، واماماً لاُمته ، ومعداً لخلافته ، فلا بد أن
يكون هارون محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم
ولياً للمسلمين وخليفته فيهم من بعده.
ولما وصلت إلى هذه النقطة من افكارها
المتدفقه صرخت ان هذا هو الانقلاب الذي انذر االله تعالى في كتابه اذ قال : (وما محمّد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفان
مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم). فها هم
الناس قد انقلبوا على أعقابهم. واستولى عليهم المنطق الجاهلي الذي تبادله الحزبان
في السقيفة حين قال أحدهما نحن أهل العزة والمنعة ، واولوا العدد والكثرة ، واجابه
الآخر : من ينازعنا سلطان محمّد (ص) ونحن اولياؤه وعترته وسقط الكتاب والسنة في
تلك المقاييس ثم اخذت تقول : ـ
يا مبادئ محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم التي جرت في عروقي منذ ولدت كما يجري
الدم في العصب ، انّ عمر الذي هجم عليك في بيتك المكي الذي اقامه النبي مركزاً
لدعوته قد هجم على آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم
في دارهم واشعل النار فيها أو كاد ..
[١]
ورد حديث المنزلة في صحيح البخاري ومسلم وخصائص النسائي ومستدرك الحاكم وجامع
الترمذي ومروج الذهب.