تقتضي العادة بأنه
لو كان في البين دليل على حكم الواقعة لوصل إليه بهذا المقدار من الفحص ولا يعتبر
فيه أزيد من ذلك ، ولعل من حدده بالخروج عن مظان الوجود أو بالعسر والحرج يريد به
ما ذكرناه ، لملازمة الخروج من مظان الوجود مع اليأس العادي عن وجوده ، وكذلك
العسر والحرج ، فان الظاهر هو إرادة النوعي منها لا العسر والحرج الشخصي ، ومثله
يلازم اليأس العادي عن وجود الدليل على حكم الواقعة.
( الجهة
الثالثة )
في استحقاق التارك للفحص للعقاب وعدمه ( والأقوال ) فيه ثلاثة ( أحدها ) ، هو
المنسوب إلى المدارك من استحقاق العقوبة على ترك الفحص والتعلم مطلقا صادف عمله
الواقع أم خالفه * ثانيها * ، يظهر من الشيخ قده واختاره بعض الأعاظم أيضا من
استحقاق العقوبة على ترك الفحص والتعلم لكن لا مطلقا بل عند أدائه إلى مخالفة
الواقع * ثالثها ما نسب إلى المشهور من استحقاق العقوبة على مخالفة الواقع لو اتفق
لا على ترك التعلم والفحص ، فمن شرب العصير العنبي من غير فخص عن حكمه يستحق
العقوبة ان اتفق كونه حراما في الواقع ، وان لم يتفق كونه حراما واقعا فلا عقاب
الا من حيث تجريه على القول به * ومنشأ * هذا الخلاف هو الخلاف في وجوب التعلم
المستفاد من العمومات المتقدمة من نحو قوله هلا تعلمت من حيث كونه وجوبا نفسيا
استقلاليا كسائر التكاليف النفسية الاستقلالية الموجبة للعقوبة على مخالفتها ، أو
تهيئا انشاء لأجل تهئ المكلف بالفحص وتعلم الاحكام لامتثال الواجبات والمحرمات
الثابتة في الشريعة * أو كونه * وجوبا طريقيا كسائر الاحكام الطرقية الثابتة في
موارد الأصول والامارات المثبتة الموجبة لاستحقاق العقوبة على مخالفتها عند
مصادفتها للواقع * أو وجوبا * شرطيا من جهة دعوى شرطية الفحص تعبدا لحجية أدلة
الاحكام والأصول النافية * أو كونه * وجوبا مقدميا غيريا نظرا إلى دعوى مقدميه
الفحص والتعلم للعمل بأدلة الاحكام ( أو كونه ) ارشاديا محضا إلى حكم العقل بلزوم
الفحص للفرار عن العقوبة المحتملة اما لأجل العلم الاجمالي ، أو لاستقرار الجهل
الموجب لعذره ، أو لحكمة بمنجزية احتمال التكليف قبل الفحص بناء على عدم اطلاق
لأدلة البراءة الشرعية يشمل مطلق الشك في التكليف ولو قبل الفحص ( ولكن التحقيق )
هو ما عليه المشهور ، لاباء مثل هذه العمومات عن كونها