أيّ عرّفنا الاِنسان طريق الخير وطريق الشر. وليس المراد
التعرّف عليهما عن طريق الاَنبياء بل تعريفهما من جانب ذاته
سبحانه، وان لم يقع في إطار تعليم الاَنبياء، وذلك لاَنّه سبحانه
يقول قبل هذه الآية: (لَقَدْ خَلَقنَا الاِنسانَ فِي كَبَدٍ *... ألَمْ نَجْعَل لَهُ
عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وشَفَتَيْنِ * وَهَدَيناهُ النَّجْدَيْن)[2]فالكل من معطياته
سبحانه عند خلق الاِنسان وإبداعه.
وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على أنّ النظرية التي
اكتشفها علماء معرفة النفس ممّا ركّز عليها الوحي بشكل
واضح، وحاصلها أنّ الدين بصورته الكلية أمر فطري ينمو
حسب نموّ الاِنسان ورشده، ويخضع للتربية والتنمية كما
يخضع لسائر الميول والغرائز.
وأنت إذا أمعنت في هذه الاَحاسيس الداعية إلى الخير
والفلاح، والعوامل الثلاثة المكوّنة للشخصية التي ربّما تجاوبها
وتلائمها كما أنّه ربّما تخالفها وتناقضها، تجد الاِنسان تارة
يعيش في جو مادي، وأُخرى في جو صراع وتناقض، ومع ذلك