فالحقّ الحقيق بالتصديق هو أنّ الفائض عن العلّة والصادر عنها بالذات إنّما هووجود المعلول، فإذا فاض الوجود من العلّة وباينها بالعدد، يلزم أن يكون له هويّة امتاز بها عن العلّة، وهذه الهويّة اللاّزمة هوالمراد من الماهيّة، فهذا الفائض من الجاعل أمر واحد في الخارج يحلّله العقل إلى أمرين:
أحداهما: ما يعبَّر عنه بالكون، وهو المراد من حقيقة الوجود.
وثانيهما: الكائن بهذا الكون، وهوالمراد من الماهيّة. فالمعبَّر عنه بمنزلة ذات الشيء الموجود ; فإنّ الوجود بهذا المعنى يرادف الذات، والمعبَّر به من عوارضه، ولفظ الوجود اسم مشترك بين هذين المعنيين. وما تواطؤا عليه ـ من كون الوجود مقولاً بالتشكيك ـ بل هو الوجود بهذا المعنى لا الوجود الانتزاعيّ; إذ لا معنى لكون الكون المصدريّ قابل للتشكيك، بل هو في الكلّ على السواء كما لا يخفى على الخبير، فليكتف هاهنا بهذا القدر