قوله: «وكذلك يجب ان يعتقد الخ» معناه أنّه لمّا دلّ التدبير ـ المعلومُ لها في البعض ـ على علم الفاعل تعالى وأنّ هذا التدبير مسبّب عن علم كامل، دلّ ذلك على التدبير في سائر أفعاله تعالى وإن لم نعلمه، فليتدبر.
فظهر أنّ الاستدلال بهذا الوجه غير مختصّ بالمتكلّمين، بل هو أحرى بالحكماء; لأنّ وجوه الإحكام والإتقان من التدابير الكلّيّة والمنافع الجزئيّة إنّما ظهرت بحسن سعيهم وشدّة اعتنائهم كما لا يخفى على المتدرّب في علومهم الطبيعيّة والرياضيّة، فثبت علمه تعالى بأفعاله، وأنّها صادرة عنه عالماً بمصالحها ومنافعها.
فإن قيل [2]: دليلكم منقوض بما قد يصدر عن الحيوانات العُجم من الأفعال المحكمة، المتقنة في ترتيب مساكنها وتدبير معايشها، كما لكثير من الوحوش والطيور، على ما هو في الكتب مسطور، وفيما بين الناس مشهور.
وكفى في ذلك ما يفعل النَّحل من البيوت المسدَّسات المتساوية بلا مِسطرة ولا فرجار، واختيارها للمسدّس الّذي هو أوسعُ من المثلّث والمربّع والمخمَّس، ولا يقع بين المسدّسات فُرَج كما يقع بين المدوَّرات وما سواها
[1] المبدأ والمعاد لابن سينا: 88 ـ 90 . [2] تعرّض له شارح المقاصد والشارح القوشجي وأجابا عنه. لاحظ: شرح المقاصد: 4 / 112 ; شرح تجريد العقائد: 312 .
نام کتاب : شوارق الإلهام في شرح تجريد الكلام نویسنده : اللاهيجي، عبد الرزاق جلد : 5 صفحه : 128