وأجاب عنها الناقد البارع(قدس سره)[2]: بأنّ هذه الشبهة مبنيّة على توهّم كون الأزل حالة معيّنة منفصلة عن الحالة الأُخرى المسمّاة «لا يزال»، وهذا توهّم فاسد ; فإنّه ليس الأزل حالةً معيّنةً يمتنع فيها الفعل، و «لا يزال» حالةً أُخرى يصحّ فيها الفعل، والمعقول من الأزل انتفاء الأوّلية فقط، وإذا كان كذلك، فمعنى قولنا: إنّ الباري سبحانه لم يزل قادراً ـ إن توهّمنا العدمَ مستمرّاً قبل العالم ـ أنّه لا حالٌ من الأحوال في ما مضى إلاّ ويصدّق عليه فيها أنّه قادر على أن يفعل، وهذه القضيّة لا يناقضها قولنا: العالم مستحيل أن يكون قديماً; لأنّه لا منافاة بين قولنا: الحادث الّذي له كون زمانيّ يجوز تقديم حدوثه على وقت حدوثه، ولا يقف هذا التقديم على المحكوم بجوازه على أوّل ينقطع هذا الحكم عنده، ويقال: إنّه قبل هذا الأوّل بلحظة لا يجوز حدوثه فيه، وبين قولنا: الحادث الّذي له كون زمانيّ يستحيل أن يكون قديماً، لأنّه لو كان قديماً، لاجتمع له أنّه قديم، وأنّ له كوناً زمانيّاً، وذلك متناقض.
وإنّما قلنا: إنّه لا منافاة بين القولين; لأنّهما قد صدقا معاً، فلو كان بينهما منافاة لم يصدقا، فقد بان أنّه لا مناقضة ولا منافاة بين قولنا: لم يزل الباري تعالى قادراً، وبين قولنا: الحادث لا يصحّ أن يكون قديماً .
وإن بنى الكلام على بطلان توهّم كون العدم قبل العالم مستمرّاً، كان