إِنَّ اللهَ بَعَثَ مُحَمَّداً(صلى الله عليه وآله وسلم)، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ يَقْرَأُ كِتَاباً، وَلاَ يَدَّعِي نُبُوَّةً، فَسَاقَ النَّاسَ حَتَّى بَوَّأَهُمْ مَحَلَّتَهُمْ، وَبَلَّغَهُمْ مَنْجَاتَهُمْ، فَاسْتَقَامَتْ قَنَاتُهُمْ، وَاطْمَأَنَّتْ صَفَاتُهُمْ.
أَمَا وَاللهِ إِنْ كُنْتُ لَفِي سَاقَتِهَا حَتَّى تَوَلَّتْ بِحَذَافِيرِهَا: مَا عَجَزْتُ (ضعفت) وَلاَ جَبُنْتُ (وهنت)، وَ إِنَّ مَسِيرِي هـذَا لِمِثْلِهَا; فَلاََنْقُبَنَّ (فَلاَثقبنّ) الْبَاطِلَ حَتَّى يَخْرُجَ الْحَقُّ مِنْ جَنْبِهِ.
مَا لِي وَلِقُرَيْش! وَاللهِ لَقَدْ قَاتَلْتُهُمْ كَافِرِينَ، وَلاَُقَاتِلَنَّهُمْ مَفْتُونِينَ، وَإِنِّي لَصَاحِبُهُمْ بِالاَْمْسِ، كَمَا أَنَا صَاحِبُهُمُ الْيَوْمَ! وَاللهِ مَا تَنْقِمُ مِنَّا قُرَيْشٌ إِلاَّ أَنَّ اللهَ اخْتَارَنَا عَلَيْهِمْ، فَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي حَيِّزِنَا، فَكَانُوا كَمَا قَالَ الاَْوَّلُ:
أَدَمْتَ لَعَمْرِي شُرْبَكَ الَْمحْضَ صَابِحاً *** وَأَكْلَكَ بِالزُّبْدِ الْمُقَشَّرَةَ الْبُجْرَا وَ نَحْنُ وَ هَبْنَاكَ الْعَلاَءَ وَ لَمْ تَكُنْ *** عَلِيّاً ، وَ حُطْنَا حَوْلَكَ الْجُرْدَ وَ السُّمْرَا
في استنفار الناس إلى أهل الشام بعد فراغه من أمر الخوارج،
أُفٍّ لَكُمْ! لَقَدْ سَئِمْتُ عِتَابَكُمْ! أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الاْخِرَةِ عِوَضاً؟ وَبِالذُّلِّ مِنَ الْعِزِّ خَلَفاً؟ إِذَا دَعَوْتُكُمْ إِلَى جِهَادِ عَدُوِّكُمْ دَارَتْ أَعْيُنُكُمْ، كَأَنَّكُمْ مِنَ الْمَوْتِ فِي غَمْرَة، وَمِنَ الذُّهُولِ فِي سَكْرَة.