(في ذكر السائرين إلى البصرة لحربه(عليه السلام))
فَقَدِمُوا عَلَى عُمَّالِي وَخُزَّانِ بَيْتِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِي فِي يَدَيَّ، وَعَلَى أَهْلِ مِصْر، كُلُّهُمْ فِي طَاعَتِي وَعَلَى بَيْعَتِي; فَشَتَّتُوا كَلِمَتَهُمْ، وَأَفْسَدُوا عَلَيَّ جَمَاعَتَهُمْ، وَوَثَبُوا عَلَى شِيعَتِي، فَقَتَلُوا طَائِفَةً مِنْهُمْ غَدْراً; وَطَائِفَةٌ عَضُّوا عَلَى أَسْيَافِهِمْ، فَضَارَبُوا بِهَا حَتَّى لَقُوا اللهَ صَادِقِينَ.
لما مر بطلحة بن عبد الله بن وعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد وهما قتيلان يوم الجمل :
لَقَدْ أَصْبَحَ أَبُو مُحَمَّد بِهذَا الْمَكَانِ غَرِيباً! أَمَا وَاللهِ لَقَدْ كُنْتُ أَكْرَهُ أَنْ تَكُونَ قُرَيْشٌ قَتْلَى تَحْتَ بُطُونِ الْكَوَاكِبِ! أَدْرَكْتُ وَتْرِي مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَاف، وَأَفْلَتَتْنِي أَعْيَانُ بَنِي جُمَحَ، لَقَدْ أَتْلَعُوا أَعْنَاقَهُمْ إِلَى أَمْر لَمْ يَكُونُوا أَهْلَهُ فَوُقِصُوا دُونَهُ.
قَدْ أَحْيَا عَقْلَهُ، وَأَمَاتَ نَفْسَهُ، حَتَّى دَقَّ جَلِيلُهُ، وَلَطُفَ غَلِيظُهُ، وَبَرَقَ لَهُ لاَمِعٌ كَثِيرُ الْبَرْقِ، فَأَبَانَ لَهُ الطَّرِيقَ، وَسَلَكَ بِهِ السَّبِيلَ، وَتَدَافَعَتْهُ الاَْبْوَابُ إِلَى بَابِ السَّلاَمَةِ، وَدَارِ الاِْقَامَةِ، وَثَبَتَتْ رِجْلاَهُ بِطُمَأْنِينَةِ بَدَنِهِ فِي قَرَارِ الاَْمْنِ وَالرَّاحَةِ، بِمَا اسْتَعْمَلَ قَلْبَهُ، وَأَرْضَى رَبَّهُ.