فإن قلت: إنّ المقرّر في محلّه هو أنّ جعل الأُمور الانتزاعيّة بجعل مناشئها كالفوقيّة والتحتيّة المجعولتين بجعل الفوق والتحت ولاتنالهما يد الجعل استقلالاً أبداً.
قلت: نعم ولكنّه مخصوص بالمنتزعات في الأُمور التكوينيّة فإيجاد الفوق يغني عن إيجاد الفوقية.ومن المعلوم أنّ مناط الجعل هو الفقر والحاجة وهو غير موجود بعد جعل المنشأ، وأمّا جعل الأُُمور الاعتبارية فيمكن انتزاعها من الأمر بالكلّ، كما يمكن جعلها أصالة على ما عرفت.
القسم الثالث:
ما تناله يد الجعل استقلالاً
ربّما يقال: هناك عدّة أُمور صالحة لكلا الجعلين الأصلي والتبعي، فيصحّ جعلها مستقلاّ ً كما يصحّ انتزاعها من الأحكام والآثار الشرعيّة الموجودة في مواردها كالقضاء والولاية والنيابة والحرّية والرقّية والزوجيّة والملكيّة.
لكنّه اختار ـ قدّس سرّه ـ أنّها مجعولة مستقلّة، وليست منتزعة عن الأحكام حتّى تكون جعلها تبعاً. واستدل على ذلك بأُمور:
1ـ إنّه يصحّ انتزاع الملكيّة والزوجيّة والطلاق والعتاق بمجرّد العقد أو الإيقاع ممّن بيده الاختيار بلاملاحظة التكاليف والآثار ولو كانت منتزعة عنها لما كاد يصحّ اعتبارها إلاّ بملاحظتها.
2ـ للزم أن لايقع ما قصد، ووقع مالم يقصد.لأنّ المقصود في العقود والإيقاعات إنشاء نفس هذه المفاهيم وحصولها، لا آثارها.
3ـ لايصحّ انتزاعها عن مجرّد التكليف في موردها فلاينتزع الملكيّة عن إباحة التصرّفات، ولا الزوجيّة من جواز الوطء وهكذا سائر الاعتبارات في العقود