نعم، قيام الحجج يورث العلم والاستيقان، وهذا غير الخضوع والتسليم القلبي، بل يجد كثير منهم في قرارة أنفسهم رفضاً وطرداً لمضمونها ومعالمها.
ب ـ أنّ الإنسان المعاند يمكن له التظاهر بخلاف معتقده، وإنكار ماأيقن به وإليه يشير قوله سبحانه: (وَجَحَدوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أنْفُسَهُمْ ظلماً وَعُلُوّا) .
4ـ ماذا يراد من وجوب الموافقة الالتزامية في الواجبات بل مطلق الأحكام؟ فإنّ ذلك ممّا لم يحرّر في كلامهم، وكان اللائق بالأُصوليين تحرير محل النزاع، وإن كان اللائح من بعض كلماتهم هو عقد القلب. ولأجل ذلك نطرح جميع الاحتمالات الممكنة:
الأوّل: التسليم لما جاء به النبي :
إذا كان المراد من الموافقة الالتزامية هو التسليم القلبي والانقياد الجناني بكل ما جاء به النبي في مجالي العقيدة والشريعة، فلا شك أنّه محقّق الايمان ومن أركانه، ولا أظنّ أن يكون هذا محطّ البحث للأُصولي خصوصاً في مبحث القطع والعلم الإجمالي.
الثاني: قصد القربة:
لا شكّ أنّه يشترط في إمتثال الواجبات القربية الإتيان بها بدافع إلهي، بخلاف الواجبات التوصلية، إذ يكفي فيها صرف الموافقة الخارجية، وهذا لا يعني عدم لزوم الانقياد والتسليم لكلّ ما جاء به النبي في مجالي القربي والتوصلي، بل المراد أنّ المطلوب من القربي هو الإتيان لباعث إلهي دون التوصلي، إذ يكفي فيه أيّ داع في الإتيان مع تسليم أنّ الكلّ من جانبه سبحانه ولو على وجه الإجمال. وعلى كلّ تقدير هذا أيضاً خارج عن محطّ البحث.