والظاهر في مسألة الحجّ عدم وجود إلزامين. بل هنا إلزام واحد مترتّب على الاستطاعة الواقعية، لا إلزامان، فإذا تبيّـن الخلاف كشف عن عدم وجوب الحجّ. هذا كلّه حول الشرط الأوّل وإليك الكلام في الشرط الثاني.
الثاني: أن لا يتضرّر بإعمالها مسلم كما لو فتح إنسان قفص طائر فطار، أو حبس شاة فمات ولدها، أو أمسك رجلاً فهربت دابته، فانّ إعمال البراءة فيها يوجب تضرّر المالك فيندرج تحت قاعدة الإتلاف وعموم قوله: «لا ضرر ولا ضرار».
وأورد عليه المحقّق الخراساني: أنّ قاعدة «لا ضرر ولا ضرار» دليل اجتهادي ومعه لا يبقى موضوع لأصل البراءة وعلى ذلك فلابدّ من اشتراط أن لا يكون على خلافها دليل اجتهادي لا خصوص قاعدة «لا ضرر» ويحتمل أن يكون نظر الفاضل التوني من اشتراط خصوص عدم استلزامه الضرر، أمراً آخر كما أشار إليه بعض المحقّقين وهو أنّ أهمّ الدليل لأصل البراءة الشرعية هو حديث الرفع الذي هو حكم امتناني. ولا يجري إلاّ إذا كان هناك امتنان، أو لا يكون على الأقلّ على ضدّه، فالحكم بالبراءة في الأمثلة المذكورة على خلافه. فانّ الحكم بعدم الضمان على فاتح القفص أو حابس الشاة وغيرهما يوجب التضرر فيجب في المقام الرجوع إلى قاعدة الضمان بالإتلاف وغيره.
***
ثمّ إنّ شيخنا العلاّمة ـ دام ظله ـ بحث عن قاعدة «لا ضرر» سنداً ودلالة وتفريقاً، بحثاً طويل الذيل مترامي الأطراف، ولمّا كان ما نشره زميلنا العلاّمة الشيخ حسن مكي العاملي ـ حفظه اللّه ـ من بحوث شيخنا الأُستاذ في خصوص مجال القاعدة بديعاً جامعاً للنكات اكتفينا بما نشره، وسنبدأ الجزء الأخير بما بقي