ليس إلاّ نفس حكم العقل بتنجّز الواقع الذي هو أثر القطع ووجه التنزيل، كما أنّ الاحتياط الشرعي في الأُمور المهمّة في الشبهات البدويّة ليس إلاّ نفس حكم الشرع بتنجّز الواقع على فرض وجوده.
والحاصل: أنّ الاحتياط عقلياً وشرعياً ليس إلاّ نفس حكم العقل والشرع بتنجّز الواقع، وهو نفس جهة التنزيل، فلا شيء هنا باسم المنزّل حتى ينزّل مكان القطع.
وما يظهر من المحقق الخراساني من الفصل بين الاحتياطين من جعل الاحتياط العقلي نفس تنجّز الواقع والاحتياط الشرعي شيئاً وراءه وهو إلزام الشارع به لأجل تنجّز الواقع، ليس بتامّ، فانّ إلزام الشارع عبارة أُخرى عن حكمه بتنجّز الواقع على فرض وجوده، وإلاّ ففي الاحتياط العقلي أيضاً إلزام.
ومنه يظهر حال البراءة العقلية والشرعية فالأولى عبارة عن حكم العقل بعدم العقاب لعدم تنجّز الواقع، لأجل عدم وصول البيان، والبراءة الشرعية عبارة عن رفع الحكم وعدم تنجّزة لأجل عدم العلم.
وبالجملة: فما نسمّيه بالاحتياط والبراءة عبارة عن حكم العقل والشرع بتنجّز الواقع، وعدم تنجّزه، وهو نفس أثر القطع المنزّل عليه، فليس هنا شيء ثالث حتى يكون هو المنزّل، كما لا يخفى.
وأمّا الأُصول المحرزة، فالمراد منها ما يكون المجعول فيها البناء العملي على أحد طرفي الشك على أنّه هو الواقع وإلغاء الطرف الآخر، فيقع الكلام في مقامي الثبوت والإثبات.
الكلام في مقام الثبوت:
فقد اختار المحقق الخراساني التفصيل بين القطع الطريقي المحض وبين القطع الموضوعي الطريقي بالقيام في الأوّل وعدمه في الثاني.