الخامس: إنّ التعبّد بالظن ربّما استلزم طرح الأصل الموجود في مورد كما إذا ظنّ بالوجوب واقتضى الأصل حرمته. ولا يخفى ما فيه: فإنّ طرح الأصل ليس بما هو هو حراماً وإنّما يحرم إذا استلزم المخالفة الواقعية ومع عدمها لا يكون إلاّ تجرّؤاً.
كل ذلك حول ما أفاده العلمان: المحقق الخراساني والشيخ الأعظم.
الأُصول التي يتمسّك بها في المقام:
بقي الكلام في بعض الأُصول التي تمسك به البعض:
فنقول: منها: أنّ الأصل عدم الحجية، وأورد عليه الشيخ الأعظم: بأنّ حرمة العمل يكفي في موضوعها عدم العلم بورود التعبّد من غير حاجة إلى إحراز عدم ورود التعبّد به ليحتاج في ذلك إلى الاستصحاب.
وإن شئت قلت: لو كان الأثر مترتباً على عدم الحجّية الواقعية لكان الحاجة إلى إحرازها بالأصل محرزة، وأمّا لو كان الأثر مترتباً على نفس الشك فيها وإن لم يحرز الواقع، لكفت القاعدة من دون حاجة إلى الاستصحاب، وذلك مثل الشك في الإتيان بالصلاة مع بقاء الوقت، فنفس الشك يكفي في قضاء العقل بالإتيان من دون حاجة إلى إحراز عدم الإتيان حتى نتمسّك بالأصل [ 1 ].
ثم إنّه أشكل على كلام الشيخ بوجوه:
1ـ ما يترتب على حكم العقل هو عدم الحجّية الفعلية، وما يحرز بالاستصحاب هو عدم إنشاء الحجّية وعدم جعلها، فما هو حاصل بالوجدان غير ما هو حاصل بالتعبّد [ 2 ].
[1]وقد ناقش المحقق الخراساني كلام الشيخ في تعليقته بوجهين: وردّه المحقق النائيني في تقريراته، ج3 ص 127. [2]مصباح الأُصول: ج2 ص 117.