الفصول كون النزاع في دلالة المادة، متمسّكاً بإجماع أهل الأدب على أنّ المصدر المجرّد من اللام و التنوين لا يدلّ إلاّ على صرف الطبيعة.[ 1 ]
وأورد عليه المحقّق الخراساني بأنّه إنّما يتمّ إذا كان المصدر هو مبدأ المشتقّات و ليس كذلك بل هو أحد المشتقّات، فعدم دلالته عليهما لايدلّ على عدم دلالة مبدأ المشتقّات عليهما.[ 2 ]
يلاحظ عليه: أنّ عدم دلالة المصدر عليهما بمادّته و هيئته يكشف عن عدم دلالة مادة الأمر عليهما أيضاً، إذ المفروض وحدة المادة في جميع الصيغ، و عندئذ لا يصحّ أن يكون النزاع راجعاً إلى مادة الأمر. و بعبارة أُخرى إذا قلنا بأنّ مبدء المشتقّات في الجميع واحد، و قلنا بأنّ المصدر بمادّته و هيئته لا يدلّ إلاّعلى نفس الطبيعة فينتج أنّ مادة المشتقات و منها مادة الأمر لا يدلّ إلاّعليها فيكون المرّة و التكرار خارجين عن حريم مدلول المادّة مطلقاً.
الأمر الثالث
الفرق بين الدفعة والدفعات والفرد والأفراد واضح، فانّ الملاك في الأوّل هو الإتيان بالمأمور به بحركة واحدة أو بحركات و بعبارة أُخرى: المصاديق الطولية كما أنّ الملاك في الثاني هو وحدة وجود المأمور به أو تعدده، فلو قال المولى: «اسقني» فأتى العبد بإنائين مملوءين من الماء فقد امتثل بدفعة واحدة و أتى بفردين، فالملاك في الفرد وحدةً و كثرةً، هو وحدة المصداق أو كثرته، وإن أتى بعدّة مصاديق بحركة واحدة. و الملاك في الثاني، هو وحدة القيام أو كثرته في تحصيل المأمور به. وكلا المعنيين قابلان للبحث عن دلالة الأمر عليهما.
و تظهر الثمرة في القول بدلالته على المرّة، فلو فسّـرت بالفرد، فلا يجوز