وعلى هذا فالموضوع هو الحجّة في الفقه، والعوارض العارضة عليها هي العوارض التحليلية كما لا يخفى.
فإن قلت: لو كان الموضوع هو الحجّة في الفقه، فالواجب أن يقال: الحجّة خبر الواحد، مع أنّ المتعارض هو العكس.
قلت: هذا نظير مسائل الفنّ الأعلى، فإنّ الموضوع فيه بالاتّفاق هو الموجود من حيث هو موجود، مع أنّه يقع محمولاً لا موضوعاً، فلا يقال: الموجود عقل، بل يقال العقل موجود، و هكذا، ووجه ذلك ما أشار إليه الحكيم السبزواري في أوّل الطبيعيات حيث قال:
إن قلت: كيف يكون الجسم هناك عرضاًذاتياً للموضوع، و المسألة : «الجسم موجود».
قلت: بل المسألة «الموجود جسم»، ولا سيما على أصالة الوجود واعتبارية الماهيّة».[ 1 ]
هذا توضيح ما أفاده المحقّق البروجردي [ 2 ]، وهو لا يخلو من إشكال.
أمّا أوّلاً: فلأنّ الالتزام بوجود الموضوع ، ثمّ الالتزام بلزوم كون البحث عن عوارضه الذاتية في العلوم الاعتباريّة ممّا لا وجه له، إذ العلوم الاعتبارية لا واقعية لها إلاّفي ظرف الاعتبار، و لها وجود اعتباري كسائر الأُمور الاعتبارية . فيكفي في كون الشيء مسألة لعلم اعتباري، كونها واقعة في طريق غرض اعتبار المعتبر وهدفه. سواء أكان لمجموع المسائل موضوعاً واحداً أم لا. وسواء أكان البحث عن وجود الموضوع ، أم كان عن عوارضه. فالالتزام بكلّ ذلك في العلوم الاعتبارية نوع تشبّه بالعلوم الحقيقية.
وأمّا ثانياً: فلأنّ الالتزام بكون البحث عن تعيّنات الحجّة يستلزم خروج
[1] المحقّق الحكيم السبزواري: شرح المنظومة:201. [2] نهاية الأُصول :1/5ـ12.