يلاحظ عليه: بأنّ التبادر في محاوراته أعمّ من كونها حقائق شرعية في لسانه إذ من المحتمل أن تكون تلك الألفاظ حقائق في تلك المعاني في لسان العرب المتواجدين في الحجاز و ما والاها المنتمين إلى دين الحنيف الذي هو شريعة إبراهيم الخليل. فالتبادر يلائم القول الرابع ايضاً.
استدلّ النافي بأنّ كونها حقائق شرعية في لسانه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ يتوقّف على الوضع و هو إمّا تعييني أو تعيّني والأوّل بعيد جدّاً وإلاّ لنقل، والثاني يتوقّف على الاستعمال بكثرة و لا يكفي عصر الرسول ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ و استعمالاته في تحقّق النقل.
يلاحظ عليه: بأنّه يُختار الشق الأوّل ويُجاب بأنّ الوضع غير منحصر فيما ذكر بل هناك قسم ثالث، وهو الاستعمال بداعي الوضع كما إذا احتفلت الأُسرة، لتسمية المولود الجديد، و الكلّ ينظر إلى كبيرهم بماذا يُسمي المولود، فيقول ائتني بولدي الحسن. فهو بنفس هذا الاستعمال، يسميه حسناً و هو واقع كثيراً و لعلّ النبيّ الأكرم ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ عند ما قال: صلّوا كما رأيتموني أُصلّي، قام بنفس هذا العمل.
وقد أُورد على هذه المحاولة بأنّه يستلزم الجمع بين اللحاظ الآلي و الاستقلالي فإنّ اللفظ لدى الوضع يلاحظ استقلالاً وعند الاستعمال يلاحظ آلياً، فالجمع بين الوضع والاستعمال يستلزم الجمع بين اللازمين المختلفين.[ 1 ]
وقد أُجيب عن الإشكال بوجوه مختلفة ذكرها السيّد الأُستاذ ـ دام ظلّه ـ في درسه [ 2 ]أحسنها ما أفاده من أنّه إن أُريد من الآلية، هي الغفلة عن اللفظ وعدم الالتفات إليه فهو ممنوع و إنّما يغفل عنه العارف باللسان إذا تعلّقت إرادته بإبراز ما في ضميره على أيّ نحو كان، فيلقى الألفاظ فكأنّه يلقى المعاني، وأمّا إذا كان المتكلّم من غير أهل اللسان أو كان من أهل اللسان و لكنّه يظهر خطيباً يريد
[1] سمعنا من بعض المشايخ أنّ المورِد هو الفقيه السيّد أبو الحسن الاصفهاني صاحب الوسيلة ولكن نقله المحقّق النائيني في تقريراته بشكل يعرب أنّه المورد لاحظ أجود التقريرات: 1/33. [2] الإمام الخميني : تهذيب الأُصول: 1/65.