هذا هو الوجه الثاني الذي عقدت المسألة لبيانه وحاصله: أنّه لو سافر بنية المعصية فعدل عنها في الأثناء إلى الطاعة، فإن كان الباقي مسافة فلا إشكال في القصر سواء كانت المسافة امتدادية أو تلفيقية، وسواء كان الذهاب أربعة أو أقل على ما مرّ.
إنّما الكلام في مورد آخر وهو ما إذا لم يكن الباقي مسافة امتدادية ولا تلفيقية، فقد أفتى السيد الطباطبائي بالقصر وإن احتاط بالجمع بين القصر والتمام احتياطاً استحبابياً.
وجّه ما ذكره بقوله: فإنّ المدار على حال العصيان والطاعة، فمادام عاصياً يُتمّ، ومادام مطيعاً يقصر من غير نظر إلى كون البقية مسافة أو لا.
توضيحه: أنّ أدلّة الترخيص لها إطلاق أفرادي وإطلاق أحوالي، فما دلّ على الإتمام في سفر المعصية أخرجه عن تحت الإطلاق الأحوالي لا عن الإطلاق الافرادي، فعلى ذلك فالعاصي في سفره في الابتداء لم يخرج عن تحت عمومات القصر خروجاً موضوعياً، وإنّما خرج عن إطلاقه الأحوالي فقط بمعنى أنّ المسافر في حال الطاعة يقصر وفي حال العصيان يتم، فإذا كان كذلك فالمسافر بنية العصيان لم يخرج موضوعياً وإنّما خرج أحوالياً، فإذا زال العصيان وعادت الطاعة يشمله الدليل موضوعياً وأحوالياً.
وإن شئت قلت: إنّ الموضوع حَسَبَ الأدلّة هو من قصد الثمانية، سواء