لا شكّ أنّ الحجّ والصوم يشتركان في لزوم ترك أُمور، تعدّ من المفطرات في الصوم كالأكل والشرب، ومن المحرمات في الحجّ كالعقد والزينة واستعمال الطيب والنظر إلى المرآة والمراء والجدال إلى غير ذلك.
ومع ذلك كلّه فإنّ بين الأمرين فرقاً واضحاً وهو أنّه يشترط في الصوم، العزم على ترك المفطرات في مجموع النهار فيكون في كلّ جزء من أجزاء النهار مأموراً بالإمساك، فلابدّ أن يكون كلّ جزء مقترناً بالنية، فلو أفطر أو نوى استعمال المفطر يبطل صومه وإن لم يفطر لعدم استمرار نية العزم على تركه.
وهذا بخلاف الحجّ، فالمعتبر فيه ـ حسب تعبير السيد الطباطبائي ـ هوالعزم على تركها مستمراً عند الإحرام، فلو لم يعزم من الأوّل على استمرار الترك، بطل; وأمّا لو عزم عند الإحرام على استمرار الترك ثمّ تهاون في أثنائه فارتكب بعض المحرمات، فلا يكون الحجّ باطلاً لعدم اشتراط استدامة النية في الحجّ دون الصوم.
وبعبارة أُخرى: إنّ الصوم عبارة عن نية الإمساك في كلّ جزء جزء من أجزاء الزمان، فلو أفطر في جزء فقد فات منه الصوم لعدم نية الإمساك في جزء من أجزاء الزمان; بخلاف الحجّ، فإنّه يكفي العزم على تركها مستمراً عند الإحرام فقط والمفروض تحقّقه ولا يعتبر استمرار العزم على ترك المحرمات، وبعبارة أُخرى: يعتبر في حدوثه، لا في بقائه.