لانتشر الفساد في الأرض، أو أقفل باب القضاء في زماننا هذا.
ولقد بلغني عن بعض القضاة الممارسين في المحاكم، أنّ القضاء بالبيّنات فيها قليل جدّاً، فلامحيص إلاّ عن الإقرار، أو الإحلاف غير أنّ جمع القرائن والشواهد والرجوع إلى الخبراء والأخصّاء، يكشف السرّ المكتوم ويستعين به القاضي وربّما يواجه القاضي حوادث ليس للبيّنة لها طريق، كوقوع حريق في المعمل، لايُدرى هل حدث عن عمد، أو لوجود نقص في الأسلاك الكهربائيّة، أو تقصير في الصيانة أو غير ذلك فلا محيص عن اعتبار علم القاضي إذا استند إلى أُمور حسيّة أو قريبة من الحسّ مفيدة للعلم لكل إنسان عاديّ.
وعلى ضوء ذلك يجوز للقاضي العمل بعلمه بشرط أن يكون علمه مستنداً إلى مبادئ حسيّة أو قريبة منها، على وجه يكون قابلاً للانتقال إلى غيره، بحيث لو نظر إليها غيره لحصل له العلم ، وهذا ما نعبّر عنه بجمع القرائن والشواهد المفيدة للعلم.