لم يكن الهدف من تنفيذ الطلاق ثلاثاً في مجلس، إلاّ عقابهم من جنس عملهم، وتعزيرهم على ما تعدّوا حدود الله به، فاستشار أُولي الرأي، وأُولي الأمر وقال: إنّ الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم؟ فلمّـا وافقوه على ما اعتزم، أمضاه عليهم وقال: أيّها الناس قد كانت لكم في الطلاق أناة وأنّه من تعجّل أناة الله ألزمناه إيّاه. [ 1 ]
لم أجد نصّاً فيما فحصت في مشاورة عمر أُولي الرأي وأُولي الأمر، غير ما كتبه إلى أبي موسى الأشعري بقوله: «لقد هممت أن أجعل إذا طلّق الرجل امرأته ثلاثاً في مجلس أن أجعلها واحدة ...». [ 2 ] وهو يخبر عن عزمه وهمّه ولا يستشيره، ولو كانت هنا استشارة كان عليه أن يستشير الصحابة من المهاجرين والأنصار القاطنين في المدينة وعلى رأسهم علي بن أبي طالب، وقد كان يستشيره في مواقف خطيرة ويقتفي رأيه.
ولا يكون استعجال الناس، مبرّراً لمخالفة الكتاب والسنّة بل كان عليه ردع الناس عن عملهم السيّئ بقوّة ومنعة، وكيف تصحّ مؤاخذتهم بما أسماه رسول الله لعباً بكتاب الله. [ 3 ]
[1] مسند أحمد : 1/314، برقم 2877. وقد مرّ تخريج الحديث أيضاً، لاحظ نظام الطلاق في الإسلام لأحمد محمد شاكر: 79.