فعدم دلالة الآية الأُولى على خصيصة الطلاقين الأوّلين، لا ينافي استفادتها من الآيتين الماضيتين [ 1 ]. ولعلّهما تصلحان قرينة لإلقاء الخصوصية من ظاهر الفقرة (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)وإرجاع مضمونها إلى مطلق الطلاق، ولأجل ذلك قلنا بدلالة الفقرة على لزوم اتباع مطلق الطلاق بأحد الأمرين على كلا التقديرين، وعلى أي حال فسواء كان عنصر الدلالة نفس الفقرة أو غيرها ـ كما ذكرنا ـ فالمحصّل من المجموع هو كون اتباع الطلاق بأحد أمرين من لوازم طبيعة الطلاق الذي يصلح للرجوع.
ويظـهر ذلك بوضوح إذا وقفنا على أنّ قوله: (فبلغن أجلهنّ)من القيود الغالبية، وإلاّ فالواجب منذ أن يطلّق زوجته، هو القيام بأحد الأمرين، لكن تخصيصه بزمن خاص وهو بلوغ آجالهن، إنّما هو لأجل أنّ المطلّق الطاغي عليه غضبه وغيظه، لا تنطفئ سورة غضبه فوراً حتى تمضي عليه مدّة من الزمن تصلح فيها، لأن يتفكّر في أمر زوجته ويخاطَب بأحد الأمرين، وإلاّ فطبيعة الحكم الشرعي (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) تقتضي أن يكون حكماً سائداً على جميع الأزمنة من لدن أن يتفوّه بصيغة الطلاق إلى آخر لحظة تنتهي معها العدّة.
وعلى ضوء ما ذكرنا تدلّ الفقرة على بطلان الطلاق الثلاث وأنّه يخالف الكيفية المشروعة في الطلاق، غير أنّ دلالتها على القول الأوّل بنفسها، وعلى القول الثاني بمعونة الآيات الأُخر.
[1] الآية 231 من سورة البقرة والآية 2 من سورة الطلاق.