عمل تعمله المرأة للرجل إلاّ وللرجل عمل يقابله، فهما ـ في حقل المعاشرة ـ متماثلان في الحقوق والأعمال، فلا تسعد الحياة إلاّ باحترام كل من الزوجين الآخر، وقيام كلّ بعمل خاصّ، فعلى المرأة القيام بتدبير المنزل والقيام بالأعمال فيه، وعلى الرجل السعي والكسب خارجه، هذا هو الأصل الأصيل في حياة الزوجين الذي تؤيده الفطرة، وقد قسم النبيّ الأُمور بين ابنته فاطمة وزوجها علي فجعل أُمور داخل البيت على ابنته وأُمور خارجه على زوجها ـ صلوات الله عليهما ـ .
2ـ «المرّة» بمعنى الدفعة للدلالة على الواحد في الفعل، و «الامساك» خلاف الإطلاق، و«التسريح» مأخوذ من السرح وهو الإطلاق يقال: سرح الماشية في المرعى: إذا أطلقها لترعى. والمراد من الإمساك هو إرجاعها إلى عصمة الزوجية. كما أنّ المقصود من «التسريح» عدم التعرّض لها لتنقضي عدتها في كل طلاق أو الطلاق الثالث الذي هو أيضاً نوع من التسريح . على اختلاف في معنى الجملة.
3ـ قيّد الإمساك بالمعروف، والتسريح بإحسان ، مشعراً بأنّه يكفي في الإمساك قصد عدم الإضرار بالرجوع، وأمّا الإضرار فكما إذا طلّقها حتى تبلغ أجلها فيرجع إليها ثم يطلّق كذلك، يريد بها الإضرار والإيذاء، وعلى ذلك يجب أن يكون الإمساك مقروناً بالمعروف، وعندئذ لو طلب بعد الرجوع ما آتاها من قبل، لا يعدّ أمراً منكراً غير معروف، إذ ليس إضراراً.
وهذا بخلاف التسريح فلا يكفي ذلك، بل يلزم أن يكون مقروناً بالإحسان إليها فلا يطلب منها ما آتاها من الأموال. ولأجل ذلك يقول تعالى: