يلاحظ عليه: بأنّ وجود الأوامر الغيرية في الشريعة غير منكر، غير أنّها إمّا لبيان الشرطية أو لبيان الكيفية، أمّا الأوّل فكقوله سبحانه: (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوف أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوف وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْل مِنْكُمْ)[1] .
فالآية سيقت لبيان شرطية حضور العدلين عند الطلاق، ونظيرها قوله سبحانه: (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإ فَتَبَيَّنُوا)[2] فإنّ هذه الآية جاءت لبيان شرطية التبيّن للعمل بقول الفاسق.
وأمّا الثاني كقوله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَوةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)[3]، ونظيره قوله سبحانه: (وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَر أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا)[4]، فإنّ الآيتين لبيان كيفية الوضوء والتيمّم بالدلالة المطابقية مع بيان شرطيتهما للصلاة بالدلالة الإلزامية.
وأمّا قوله سبحانه: (إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَات فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإيَمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَات فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَ لاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ )[5].