نام کتاب : بحوث قراءة النص الديني نویسنده : السند، الشيخ محمد جلد : 1 صفحه : 168
المُدرِكة والقوى العمليّة، ومفاد ذلك تعدّد القوّتين النظريّة والعمليّة.
وقد ذهب إلى القول الثاني الفارابي وقدماء الفلاسفة ومنهم اليونانيّون، بل ذهب إليه ابن سينا أيضاً في بعض كتبه، ولكنّه قال بالقول الأوّل في أكثر أبحاثه.
والحقّ هو الثاني.
والدليل الأوّل على التعدّد: من كمالات الإنسان أن يكون عقله مسيطراً وحاكماً على ما دونه من القوى، وإذا كان كذلك فلابدّ أن يكون فاعلًا فيها، سواء كانت القوى الدانية إدراكيّة كالخياليّة والوهميّة، أو عمليّة كالشهويّة والغضبيّة.
فإذا كان من كمال القوى الدانية سيطرة العقل عليها، فلابدّ من فرض عملٍ للعقل، لأنّ السلطنة والسيطرة ليست إدراكاً محضاً بل إدراك وعمل وتحكيم لهذا الإدراك، وإلّا لكانت القوى الدانية منفلتة عنه عاملة بما تقتضيه فطرتها، لأنّها ليست عاقلة كي تعمل بما يدركه العقل، فتعمل الشهويّة بالشهوات، والغضبيّة بالغضب، والوهميّة بالوهم، وهكذا، ويحصل الهرج والمرج في جهاز هذا الإنسان! فلا بدّ من فرض قوّة عاقلة عَمّالة تفرض سيطرتها وطاعتها على القوى الاخرى. نعم، سيطرة العقل على القوى الدانية ليس دائمياً في جميع الناس، فربّما تطغى قوّة دانية أو أكثر على النفس البشريّة وتسيطر أحياناً أو دائماً على سلوك الإنسان كما ورد:
ولكن لا بدّ من فرض قوّة عَمّالة تصلح للإمارة والسيطرة في الإنسان السويّ والنفوس الدارجة إلى الكمال، ولو كانت محكومةً لقوّة أو أكثر من القوى الدانية في النفوس المتسافلة، ولكن هذه القوّة موجودة على كلّ حال! وكلّما ازداد الإنسان كمالًا ازداد العقل سيطرة وعملًا في ما دونه، حتّى تكون جميع أفعال