قال الطبرسي: المساس على وزن «فعال» من المماسة. و معنى لا مساس، لا يمس بعضنا بعضاً. فصار السامري يهيم في البرية مع الوحش و السباع لا يمسّ أحداً و لا يمسّه أحد. عاقبه اللّه تعالى بذلك و كان إذا لقي أحداً يقول: لا مساس. أي لا تقربني و لا تمسّني. ( [2])
و أمّا السنّة فقد ذكر نماذج ممّا استعمل فيها النفي بمعنى النهي. مثل قوله (صلّى اللّه عليه و آله و سلم): «لا إخصاء في الإسلام و لا بنيان كنيسة» و «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق». و «لا غش بين المسلمين».
و بذلك أبطل قول صاحب الكفاية، حيث قال ردّاً على هذا القول: «انّ النفي بمعنى النهي و إن كان ليس بعزيز إلّا أنّه لم يعهد في مثل هذا التركيب»، و قال: إنّ الأذهان الفارغة لا تسبق إلّا إلى هذا الوجه. ثمّ أيّد (رحمه الله) مقاله بما ورد في رواية عبد اللّه بن مسكان عن زرارة: «... فقال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم): إنّك رجل مضار و لا ضرر و لا ضرار على مؤمن»، فانّ هذا الكلام بمنزلة صغرى و كبرى هما: إنّك رجل مضار، و المضارة حرام. و الكبرى، كما ترى مناسبة للصغرى بخلاف ما لو أُريد غيره من المعاني الأُخرى فانّ المعنى يصير: إنّك رجل مضار، و الحكم الموجب للضرر منفي، أو الحكم المجعول منفي في صورة الضرر. و هذا ممّا لا تستسقيه الأذهان المستقيمة.
و بعد أن استشهد (رحمه الله) بكلمات أئمّة اللغة، و مهرة الحديث، حيث فسّروا الحديث بالنهي، قال: إنّ المدعى هو أنّ حديث الضرر يراد منه إفادة النهي عنه