نام کتاب : الإعتصام بالكتاب و السنة نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 87
و أمّا
السرّ في التزام الشيعة استحباباً بالسجود على التربة الحسينية فإنّ من الاغراض
العالية و المقاصد السامية منها، أن يتذكّر المصلّي حين يضع جبهته على تلك التربة،
تضحية ذلك الامام بنفسه و أهل بيته و الصفوة من أصحابه في سبيل العقيدة و المبدأ و
مقارعة الجور و الفساد.
و
لمّا كان السجود أعظم أركان الصلاة، و في الحديث «أقرب ما يكون العبد إلى ربّه حال
سجوده» فيناسب أن يتذكّر بوضع جبهته على تلك التربة الزاكية، أُولئك الذين جعلوا
أجسامهم ضحايا للحقّ، و ارتفعت أرواحهم إلى الملا الاعلى، ليخشع و يخضع و يتلازم
الوضع و الرفع، و تحتقر هذه الدنيا الزائفة، و زخارفها الزائلة، و لعلّ هذا هو
المقصود من أنّ السجود عليها يخرق الحجب السبع كما في الخبر، فيكون حينئذ في
السجود سر الصعود و العروج من التراب إلى ربّ الارباب[1].
و
قال العلّامة الاميني: نحن نتّخذ من تربة كربلاء قطعاً لمعاً، و أقراصاً نسجد
عليها كما كان فقيه السلف مسروق بن الاجدع يحمل معه لبنة من تربة المدينة المنوّرة
يسجد عليها، و الرجل تلميذ الخلافة الراشدة، فقيه المدينة، و معلّم السنّة بها، و
حاشاه من البدعة. فليس في ذلك أيّ حزازة و تعسّف أو شيء يضاد نداء القرآن الكريم
أو يخالف سنّة اللّه و سنّة رسوله- صلى الله عليه و آله و سلم- أو خروج من حكم
العقل و الاعتبار.
و
ليس اتّخاذ تربة كربلاء مسجداً لدى الشيعة من الفرض المحتّم، و لا من واجب الشرع و
الدين، و لا ممّا ألزمه المذهب، و لا يفرق أيّ أحد منهم منذ أوّل