نام کتاب : الإعتصام بالكتاب و السنة نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 200
بأن ألزمه
بها و أمضاها عليه. و قال:
فإن
قيل: كان أسهل من ذلك أن يمنع الناس من ايقاع الثلاث، و يحرمه عليهم و يعاقب
بالضرب و التأديب من فعله لئلّا يقع المحذور الذي يترتّب عليه.
قيل:
نعم، لعمر اللّه كان يمكنه ذلك و لذا ندم في آخر أيامه و ودَّ أنّه كان فعله، قال
الحافظ أبو بكر الاسماعيلي في مسند عمر: أخبرنا أبو يعلى، حدثنا صالح بن مالك،
حدثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك عن أبيه قال: قال عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه: ما
ندمت على شيء مثل ندامتي على ثلاث: أن لا أكون حرّمت الطلاق، و على أن لا أكون
أنكحت الموالي، و على أن لا أكون قتلت النوائح.
و
ليس مراده من الطلاق الذي حرّمه، الطلاق الرجعيّ الذي أباحه اللّه تعالى و علم من
دين رسول اللّه جوازه، و لا الطلاق المحرّم الذي أجمع المسلمون على تحريمه كالطلاق
في الحيض و الطهر المجامع فيه، و لا الطلاق قبل الدخول، فتبيّن قطعاً أنّه أراد
تحريم الطلاق الثلاث إلى أن قال: و رأى عمر رضى اللّه عنه أنّ المفسدة تندفع
بالزامهم به فلمّا تبيّن أنّ المفسدة لم تندفع بذلك و ما زاد الامر إلّا شدّة،
أخبر أن الاولى كان عدوله إلى تحريم الثلاث الذي يدفع المفسدة من أصلها، و اندفاع
هذه المفسدة بما كان عليه الامر في زمن رسول اللّه «صلى الله عليه و آله و سلم» و
أبي بكر و أوّل خلافة عمر رضى اللّه عنه[1].
يلاحظ
عليه: أنّ ما ذكره من تقسيم الاحكام إلى نوعين، صحيح. لكن من أين علم أنّ حكم
الطلاق الثلاث من النوع الثاني، فأيّ فرق بين حكم الواجبات و المحرّمات و قوله
سبحانه:" الطَّلاقُ مَرَّتانِ" و كيف يتغيّر حكم وصفَ
رسول اللّه خلافه لعباً بالدين؟
و
ما ذكره من الاحتمالات الثلاثة فالاحتمال الاوّل هو المتعيّن و هو الموافق لكلام
الخليفة نفسه، و أمّا الاحتمالان الاخيران من أنّ جعل الثلاث واحدة كان مشروعاً
بشرط و قد زال، أو قام مانع عن امضائه، فلا يعتمد عليهما و الدافع إلى تصوير
الاحتمالين هو الخضوع للعاطفة و تبرير عمل الخليفة بأي نحو كان.
[1] . ابن قيم الجوزيّة: إعلام الموقعين: 36/ 3، و أشار
إليه أيضاً في كتابه« إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان»: 336/ 1.
نام کتاب : الإعتصام بالكتاب و السنة نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 200