نام کتاب : الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 3 صفحه : 355
بخلق الأنعام
وانّه لم يشاركه أحد فيها ، فهي مصنوعة لله تعالى والناس ينتفعون بها ، فبدل أن
يشكروا ، يكفرون بنعمته ، وأنت إذا قارنت بين الآيتين تقف على أنّ المقصود هو
المعنى الكنائي ، والمدار في الموافقة والمخالفة هو الظهور التصديقي لا التصوري.
قال الشريف
المرتضى : قوله تعالى : (لِما خَلَقْتُ
بِيَدَيَ) جار مجرى قوله : «لما خلقت أنا» وذلك مشهور في لغة العرب.
يقول أحدهم : هذا ما كسبتْ يداك ، وما جرت عليك يداك. وإذا أرادوا نفي الفعل عن
الفاعل استعملوا فيه هذا الضرب من الكلام فيقولون : فلان لا تمشي قدمه ، ولا ينطق
لسانه ، ولا تكتب يده ، وكذلك في الإثبات ، ولا يكون للفعل رجوع إلى الجوارح في
الحقيقة بل الفائدة فيه النفي عن الفاعل. [١]
٣. قال سبحانه : (وَالسَّماءَ
بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ)[٢] فاليد وإن كانت ظاهرة في العضو الخاص لكنّها في الآية
كناية عن القوة والإحكام ، وذلك لأنّ «اليد» من مظاهر القدرة والقوة بقرينة قوله :
(وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) ، وكأنّه سبحانه
يقول : والسماء بنيناها بقدرة لا يوصف قدرها وإنّا لذو سعة في القدرة لا يعجزها
شيء ، أو بنيناها بقدرة عظيمة ونوسعها في الخلقة. [٣]
٤. قال سبحانه : (الرَّحْمنُ
عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى)[٤] انّ العرش في اللغة هو السرير والاستواء عليه هو الجلوس ،
غير أنّ هذا حكم مفرداتها ، وأمّا معنى الجملة فيتفرع الاستظهار منها ، على
القرائن الحافة بها ، فالعرب الأقحاح لا يفهمون منها سوى السلطة والاستيلاء ،
وحملها على غير ذلك يعدّ تصرّفاً في الظاهر ، وتأويلاً لها ،