نام کتاب : الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 3 صفحه : 354
١. يقول سبحانه (قالَ
يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ
أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ). [١]
فنقول : إنّ «اليد»
في الآية استعمل في العضو المخصوص ولكن كُنِّي بها عن الاهتمام بخلقة آدم حتى
يتسنّى بذلك ذم إبليس على ترك السجود لآدم ، فقوله سبحانه : (ما
مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ) كناية عن أنّ آدم
لم يكن مخلوقاً لغيري حتى يصحّ لك يا شيطان التجنّب عن السجود له ، بحجة أنّه لا
صلة له بي ، مع أنّه موجود خلقتُه بنفسي ، ونفخت فيه من روحي ، فهو مخلوقي الذي
قمت بخلقه ، فمع ذلك تمرّدت عن السجود له.
فأُطلقت الخلقةُ
باليد وكُنّي بها عن قيامه سبحانه بخلقه ، وعنايته بإيجاده ، وتعليمه إيّاه أسماءه
، لأنّ الغالب في عمل الإنسان هو القيام به باستعمال اليد ، يقول : هذا ما بنيته
بيدي ، أو ما صنعته بيدي ، أو ربّيته بيدي ، ويراد من الكل هو القيام المباشري
بالعمل بكلّ الوجود ، لا خصوص اليد ، وكأنّه سبحانه يندد بالشيطان بأنّك تركتَ
السجود لموجود اهتممت بخلقه وصنعه.
٢. (أَوَلَمْ
يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها
مالِكُونَ)[٢] فالمجسّمة المتعبّدة بظواهر النصوص البدوية تستدلّ بالآية
على أنّ لله سبحانه أيدي يقوم بها بالأعمال الكبيرة ، ولكن المساكين اغترّوا
بالظهور التصوريّ ولم يتدبّروا في الظهور التصديقي ، أخذوا بالظهور الجزئي دون
الجملي ، فلو كانوا ممعنين في مضمون الآية وما احتفّ بها من القرائن ، لميّزوا
الظهور التصديقي الذي هو الملاك عن غيره ، فإنّ الأيدي في الآية كناية عن تفرّده
تعالى