تقدّم أنّ في
تفسير هذه الفقرة من الآية قولين مختلفين ، والمفسّرون بين من يجعلونها ناظرة إلى
الفقرة المتقدّمة ، أعني قوله : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ
...) ومن يجعلونها ناظرة إلى التطليق الثالث الذي جاء في الآية
التالية ، وقد عرفت ما هو الحق ، فتلك الفقرة تدل على بطلان الطلاق الثلاث على كل
التقادير.
أمّا على التقدير
الأوّل ، فواضح ، لأنّ معناها أنّ كلّ مرّة من المرّتين يجب أن يتبعها أحد أمرين :
إمساك بمعروف ، أو تسريح بإحسان.
قال ابن كثير : أي
إذا طلّقتها واحدة أو اثنتين ، فأنت مخيّر فيها ما دامت عدّتها باقية ، بين أن
تردّها إليك ناوياً الإصلاح والإحسان وبين أن تتركها حتى تنقضي عدتها ، فتبين منك
، وتطلق سراحها محسناً إليها ، لا تظلمها من حقّها شيئاً ولا تضارّ بها. [٢]
وأين هذا من
الطلاق ثلاثاً بلا تخلّل واحد من الأمرين ـ الإمساك أو تركها حتى ينقضي أجلها ـ سواء
طلّقها بلفظ : أنت طالق ثلاثاً ، أو : أنت طالق ، أنت طالق ، أنت طالق.
قال الشوكاني :
يشترط في وقوع الثالثة أن تكون في حال يصح من الزوج فيها الإمساك ـ قبل الطلاق
الثالث ـ وإذا لم يصحّ الإمساك إلاّ بعد المراجعة لم تصحّ الثالثة إلاّ بعدها لذلك
، وإذا لزم في الثالثة ، لزم في الثانية. [٣]