نام کتاب : الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 2 صفحه : 364
الحيرة. ولو لا
الخوف من الإطالة لنقلت في المقام نماذج من ذلك ونكتفي ببيان موردين :
١. قُدِّم إلى
المتوكّل رجل نصراني فجر بامرأة مسلمة فأراد أن يقيم عليه الحد ، فأسلم ، فقال يحيى
بن أكثم : الإيمان يمحو ما قبله ، وقال بعضهم : يُضرب ثلاثة حدود ، فكتب المتوكّل
إلى الإمام الهادي يسأله ، فلمّا قرأ الكتاب ، كتب : يُضرب حتى يموت ، فأنكر
الفقهاء ذلك ، فكتب إليه يسأله عن العلّة ، فكتب : بسم الله الرحمن الرحيم (فَلَمَّا
رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ
مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا
سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ)[١] فأمر به المتوكّل فضرب حتى مات. [٢]
إنّ الإمام الهادي
ببيانه هذا شقّ طريقاً خاصّاً لاستنباط الأحكام من الذكر الحكيم ، طريقاً لم يكن
يحلم به فقهاء عصره ، وكانوا يزعمون أنّ مصادر الأحكام الشرعية هي الآيات الواضحة
في مجال الفقه التي لا تتجاوز ثلاثمائة آية ، وبذلك أبان للقرآن وجهاً خاصّاً
لدلالته ، لا يلتفت إليه إلاّ من نزل القرآن في بيته ، وليس هذا الحديث غريباً في
مورده ، بل له نظائر في كلمات الإمام وغيره من آبائه وأبنائه ـ عليهمالسلام ـ.
٢. لمّا سمّ
المتوكّل نذر لله : إن رزقه الله العافية أن يتصدّق بمال كثير ، أو بدراهم كثيرة.
فلمّا عوفي اختلف الفقهاء في مفهوم «المال الكثير» فلم يجد المتوكّل عندهم فرجاً ،
فبعث إلى الإمام عليّ الهادي فسأله؟ قال : يتصدق بثلاثة وثمانين ديناراً ، فقال
المتوكل : من أين لك هذا؟ فقال : من قوله تعالى : (لَقَدْ