أمّا الأوّل، فمثل قوله: «ما کانَ اللَّهُ لِیُضِیعَ إِیمانَکُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِیمٌ» [1] و غیرها کسورة آل عمران [2]، أی لیس من شأن اللَّه سبحانه و هو العادل الرءوف أن یضیع إیمانکم. و أمّا الثانی، فمثل قوله: «ما کانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ کِتاباً مُؤَجَّلًا» [3]، أی لا یمکن لنفس أن تموت بدون إذنه سبحانه. فیکون معنی الآیتین بناءً علی الاستعمال الأوّل: هو لیس من شأن اللَّه تعالی أن یعذّب الناس أو یهلکهم قبل أن یبعث إلیهم رسولًا. و علی الاستعمال الثانی: هو لیس من الممکن أن یعذّب اللَّه الناس أو یهلکهم قبل أن یبعث إلیهم رسولًا. و علی کلّ تقدیر، فدلالة الآیتین علی الإباحة واضحة؛ إذ لیست لبعث الرسل خصوصیة و موضوعیة، و لو أُنیط جواز العذاب ببعثهم فإنّما هو لأجل کونهم وسائط للبیان و الإبلاغ، و الملاک هو عدم جواز التعذیب بلا بیان و إبلاغ، و أنّ التعذیب بلا بیان و إبلاغ لیس من شأنه سبحانه، أو أنّه لیس أمراً ممکناً حسب حکمته. 5- قال سبحانه: «وَ ما أَهْلَکْنا مِنْ قَرْیَةٍ إِلَّا وَ لَها کِتابٌ مَعْلُومٌ» [4]. فإنّ هذه الآیة مشعرة بأنّ الهلاک کان بعد الإنذار و التخویف، و أنّ اشتراط الإنذار کنایة عن البیان و إتمام الحجّة. 6- قوله سبحانه: «وَ لَوْ أَنَّا أَهْلَکْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ
[1] البقرة: 143. [2] الآیات 79 و 161. [3] آل عمران: 145. [4] الشعراء: 208.