في ظلال التوحيد - السبحاني، الشيخ جعفر

نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 115

للبراءة من أعدائه أو أقام الأفراح لمولد بطل من أبطاله، و بالجملة ما هو حلال بالذات لا مانع من أن تتّفق علیه الأُمّة، و تتّخذه عادة متبعة فی المناسبات، و یکون بدعة لغویة.
و أمّا ما کان محرّماً بالذات فهو محرّم لیس من باب البدعة. فلو اتّخذ أمراً مرسوماً و رائجاً، مثل دخول النساء سافرات متبرّجات فی مجالس الرجال فی الاستقبالات و الضیافات، فهذا أمر حرام بالذات أولًا، و لیس بمحرم من باب البدعة الشرعیة، بمعنی التدخّل فی أمر الدین و التسنین فیه و التشریع علی خلاف ما شرّعه الشارع، و إنّما هو عمل محرّم اتّخذ رائجاً لا باسم الدین و لا باسم الشریعة، و أقصی ما یعتذر بأنّه مقتضی الحضارة العصریة، مع الاعتراف بکونه مخالفاً للشرع، و لو قیل إنّه بدعة قبیحة أو مذمومة، فإنّما هو بحسب معناها اللغوی.
و بذلک یظهر أنّ أکثر من أطنب الکلام فی تقسیم البدعة إلی حسنة و سیّئة فقط خلط البدعة فی مصطلح الشرع بالبدعة اللغویة، فأسهبوا فی الکلام و أتوا بأمثلة کثیرة زاعمین أنّها من البدع الشرعیة مع أنّ أمرها یدور بین أمرین:
إمّا أنّها عمل دینی یؤتی بها باسم الدین و الشریعة، و لکن یوجد لها أصل فیهما، فتخرج بذلک عن عنوان البدعة، کتدوین الکتاب و السنّة إذا خیف علیهما التلف من الصدور، و بناء المدارس و الرُّبُط [1] و غیرهما. و قد مثلوا بالتدوین للبدعة الواجبة، و ببناء المدارس و الرُّبَط بالبدعة المستحبّة، مع أنّهما لیسا ببدعة لوجود أصلصالح لهما فی الشریعة.
أو أنّها عمل عادی لا یؤتی بها باسم الدین بل یؤتی بها لأجل تطویر الحیاة و طلب الرفاه، فتکون خارجاً عن موضوع البدعة فی الشرع، کنخل الدقیق، فقد

[1] جمع رَباط؛ و هو ما یبنی للفقراء، مولَّد المصباح المنیر: ص 215 ط دار الهجرة

نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 115

فرمت PDF

شناسنامه

فهرست