responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نظرية المعرفة (المدخل إلى العلم والفلسفة والالهيات) نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر    جلد : 1  صفحه : 104

الشك المنهجي لدى الغزالي

بدأ الغزالي قراءة كتب الفلسفة حوالي سنة 484 هـ ق، وهو في الرابعة والثلاثين من عمره، فأخذ فكره يتغير مجراه، وحدثت له أزمة روحية كان من نتائجها أن شكّ في اعتقاداته الموروثة. وهذا الشك كان أوّل دافع له إلى النظر العقلي الحرّ، وهو يعترف في بعض كتبه بما لهذا الشك من فائدة، حتّى قال: إنّ من لم يشك لم ينظر، ومن لم ينظر لم يبصر، ومن لم يبصر بقي في العمى والحيرة والضلال، ولا خلاص للإنسان إلاّ في الاستقلال [1].

وهو يذكر تلك المرحلة من عمره بقوله:

«وقد كان التعطّش إلى درك حقائق الأُمور دأبي وديدني من أول عمري وريعان شبابي... حتّى انحلت عني رابطة التقليد، وانكسرت عليّ العقائد الموروثة على قرب عهد الصبا، إذ رأيت صبيان النصارى لا يكون لهم نشوء إلاّ على التنصّر، وصبيان اليهود لا نشوء لهم إلاّ على التهوّد، وصبيان المسلمين لا نشوء لهم إلاّ على الإسلام، وسمعت الحديث المروي عن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ حيث قال: «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهوّدانه وينصرّانه ويمجّسانه»، فتحرك باطني إلى طلب حقيقة الفطرة الأصلية، وحقيقة الحقائق العارضة بتقليد الوالدين والأُستاذين، والتمييز بين هذه التقليدات وأوائلها تلقينات، وفي تمييز الحق منها عن الباطل اختلافات.

فقلت في نفسي أولاً: إنما مطلوبي العلم بحقائق الأُمور، فلا بد من طلب حقيقة العلم ما هي؟ فظهر لي أنّ العلم اليقيني هو الّذي ينكشف فيه المعلوم انكشافاً لا يبقى معه ريب، ولا يقارنه إمكان الغلط والوهم.

ولا يتسع القلب لتقدير ذلك، بل الأمان من الخطأ ينبغي أن يكون مقارناً لليقين مقارنَةً، لو تحدَّى بإظهار بطلانه، مثلاً، مَنْ يقلب الحجر ذهباً والعصا ثعباناً، لم يورث ذلك شكاً ولا إنكاراً. فإنّي إذا علمت أنّ العشرة أكثر من الثلاثة، فلو قال لي قائل: «لا بل الثلاثة أكثر من العشرة، بدليل أنّي أقلب هذه


[1] ميزان العمل: 216 .

نام کتاب : نظرية المعرفة (المدخل إلى العلم والفلسفة والالهيات) نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر    جلد : 1  صفحه : 104
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست