اتّفق المسلمون قاطبـة ـ إلاّ من شذّ منهم ـ على أنّه يظهر في برهة من الزمن
قائد يقوم باصلاح المجتمع الاِنساني قاطبة، وينشر راية العدل في رُبوع الاَرض
بعد ما مُلئتْ بالجور والطغيان.
وهذا القائد المثالي العظيم من سلالة النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وقد جاء نبوَه وثورته
العارمة على الفساد في الكتب السماوية، قال سبحانه:
(وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُور مِنْ
بَعْدِ الذِّكْر أَنَّ الاََرضَ يَرِثُها عِبادي الصّالِحُون)[1].
ومن حسنِ الحظِّ أنّ زبور داود عليه السّلام الموجود في العهد العتيق يحتوي على
مضمون هذه الآية بصراحة . [2]
هذا ما اتّفق عليه المسلمون وأهل الكتاب جميعاً، غير انّ هنا نكتة لا
محيص من إلفات نظر القارىَ إليها.
إنّ الاِمام وإن كان يظهر ويجابه الفسادَ بمنطق الشدة والعنف، ولكن هذا
المنطق ليس العمادَ الوحيد لثورته وسلطته، بل هناك عماد آخر وهو بلوغ الاِنسان
[1] الاَنبياء: 105. [2] مزامير: المزمور السابع والثلاثون، الاصحاح 22: «لاَنّ المباركين منه يرثون الاَرض،
والملعونين منه يقطعون».