بقي هنا شيء: وهو أنّه قد ورد في صحيح معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللَّه عليه السلام وجوب الكفّارة على من قبّل امرأته قبل طواف النساء، فيعلم من ذلك حرمة بقية الاستمتاعات قبل طواف النساء، وإلّا لو كانت جائزة لم تثبت فيها الكفّارة. قال: سألته عن رجل قبّل امرأته وقد طاف طواف النساء ولم تطف هي، قال: «عليه دم يهريقه من عنده» [1]).
والجواب عن ذلك: أنّه لا عامل بهذه الرواية أصلًا، ولم يقل أحد من الفقهاء بلزوم الكفّارة على المحلّ وإن كانت المرأة بعد لم تطف طواف النساء. وقال الشيخ صاحب الجواهر في ذيل هذه الصحيحة:
ولم يحضرني أحد عمل به على جهة الوجوب، فلا بأس بحمله على ضرب من الندب؛ لأنّ الفرض كونه قد أحلّ، فلا شيء عليه إلّا الإثم إن كان ... فالخبر لا عامل به أصلًا، على أنّ دلالتها بالإطلاق؛ لأنّه لم يرد فيها أنّها طافت طواف الحجّ أو قصّرت، بل ورد فيها أنّها لم تطف طواف النساء، وذلك مطلق من حيث إنّها قصّرت أم لا، أو طافت طواف الحجّ أم لا؟» [2]).
وفصّل بعضهم بين الاستمتاعات وبين العقد والشهادة، فقال: «الظاهر أنّ ما يحرم عليه من النساء بعد الحلق أو التقصير لا يختصّ بالجماع بل يعمّ سائر الاستمتاعات التي حرمت عليه بالإحرام.
نعم، يجوز له بعده العقد على النساء والشهادة عليه على الأقوى» [3]).
ثمّ إنّه صرّح بعض الفقهاء- كالشهيد الأوّل [4])- بأنّه متى طاف الطوافين، أي طواف الزيارة وطواف النساء، وسعى قبل الموقفين في موضع الجواز فليس له إلّا تحلل واحد، وهو عقيب الحلق أو التقصير بمنى، ولو كان المتقدّم طواف الزيارة وسعيه خاصة كان له تحلّلان: أحدهما:
عقيب الحلق ممّا عدا النساء. والثاني: بعد طواف النساء لهن، وهو مختار بعض
[1] الوسائل 13: 139، ب 18 من كفارات الاستمتاع، ح 3. [2] المعتمد في شرح المناسك 5: 357. [3] مناسك الحجّ (السيستاني): 206، م 407. [4] الدروس 1: 456.