وفي مقابل هذه المجموعة طائفتان اخريان من الروايات:
الاولى: الروايات التي تدلّ على أنّه يحلّ من كلّ شيء بعد رمي جمرة العقبة إلّا النساء:
منها: ما رواه في قرب الإسناد عن الحسن بن علوان عن جعفر عن أبيه عن أمير المؤمنين عليهم السلام، قال: «وإذا رميت جمرة العقبة فقد حلّ لك كلّ شيء حرم عليك إلّا النساء» [1]).
ومنها: ما يحكى عن الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا عليه السلام أنّه قال: «واعلم أنّك إذا رميت جمرة العقبة حلّ لك كلّ شيء إلّا الطيب والنساء، وإذا طفت طواف الحجّ حلّ لك كلّ شيء إلّا النساء، فإذا طفت طواف النساء حلّ لك كلّ شيء إلّا الصيد، فإنّه حرام على المحلّ في الحرم، وعلى المحرم في الحلّ والحرم» [2]).
ومنها: معتبرة يونس بن يعقوب، قال:
قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام: جعلت فداك، رجل أكل فالوذج فيه زعفران بعد ما رمى الجمرة ولم يحلق؟ قال: «لا بأس» [3]).
ونوقش فيها: بأنّ الخبر الثاني غير ثابت عندنا؛ إذ الفقه الرضوي لم يعلم كونه رواية فضلًا عن اعتباره وعدمه، وأمّا معتبرة يونس فغير ظاهرة في كونه متعمّداً، ولعلّه كان ناسياً فسأل عن حكمه، ومع تسليم الظهور فهي كموثّقة الحسين بن علوان معارضة للروايات المتقدّمة الدالّة على عدم التحلّل بعد الرمي ما لم يذبح ويحلق، وحيث إنّ تلك الروايات صريحة في أنّ الحلية تحصل بعد الرمي والحلق أو التقصير وهذه الروايات ظاهرة في كفاية الرمي فيحمل الظاهر على الصريح.
وإن شئت قلت: إنّهما أشبه بالمطلق والمقيد، ومع فرض التعارض والتساقط فالمرجع ما دلّ على حرمة ارتكاب هذه الامور ما لم يثبت تحليله، وهو ما بعد الرمي والحلق أو التقصير معاً، فإنّ هذا مقتضى إطلاق دليل التحريم كما أنّه مقتضى الاستصحاب بناءً على جريانه في الشبهات الحكمية [4]). [1] الوسائل 14: 235، ب 13 من الحلق والتقصير، ح 11. [2] فقه الرضا عليه السلام: 226. [3] الوسائل 14: 235، ب 13 من الحلق والتقصير، ح 12. [4] المعتمد في شرح المناسك 5: 324- 325. وانظر: جواهر الكلام 19: 255.